عبد السلام المساوي
عاشت أكثر من 1500 جماعة ترابية غير عادية استبقت يوم انتخاب رؤسائها ونوابهم ورؤساء اللجن الدائمة ، كل الأنظار اتجهت الى ما سيقرره الناخبون الكبار ، بعدما قال المواطن كلمته خلال الاستحقاق الترابي للثامن من شتنبر . ولئن كان الناخب عبر من داخل صناديق الاقتراع على ضرورة التغيير وإعطاء الفرصة للنخب الجديدة ، فإن هذا التوجه لم يمتد ليعكس تشكيل المجالس ، إذ تم الالتفاف على الارادة الشعبية بتحالف ثلاثي ديموقراطي ، استعمل مختلف الآليات القديمة لاعادة تنصيب الفاسدين ، واستعمال ابشع أساليب البلطجة لقطع الطريق على الكفاءات النظيفة ( ما وقع اليوم ، 20 شتنبر ، بولاية الرباط ، نموذجا يدين تحالف الشر ) .
حينما توجه أكثر من 50 في المائة نحو صناديق الاقتراع للتعبير عن ارادتهم واختيار ممثليهم المحليين ، فإنهم كانو يفعلون ذلك لقطع الطريق أمام العدمية وخصوم الوطن ، لكن كانوا يفعلون ذلك أيضا لسد النوافذ أمام الأميين وسماسرة الانتخابات والوجوه القديمة المستهلكة المتابعة في قضايا المال العام .لكن الصورة كانت صادمة حينما وجد المواطن على رأس جماعته أو اقليمه أو جهته وجوها مثقلة بالمتابعات القضائية بسبب تدبيرها الترابي السابق ( رئيس مجلس جهة الشرق ونائبه محكومان بالسجن النافذ ، سنة وسنتين ، ومكتب جماعة وجدة يؤثثه فاسدون عمروا طويلا …هؤلاء جميعا ينتمون الى التحالف الثلاثي اللاديموقراطي ؛ رئيس مجلس الجهة قائد وطني لحزب البام ، ونائبه قائد جهوي لحزب الاستقلال !!! )
وهكذا أصبحنا أمام مجالس ترابية لا تستحق الاحترام ، ولا تعكس توجهات الارادة الشعبية ، ولا يتوفر فيها أي مظهر من مظاهر الكفاءة .
ان ما حدث في انتخاب رؤساء المجالس ومكاتبها ، أساء للعمل السياسي وأفقد الارادة الشعبية معناها من خلال اعتماد أساليب مشينة ودنيئة ؛ تهريب وكلاء اللوائح لمستشارين الى فنادق وفيلات بعيدا عن عيون المنافسين ، واجبار من يحترفون الانتخابات المنتخبين على التوقيع على شيكات لحجز أصواتهم .
ان التحالف الثلاثي اللاديموقراطي تربى على الانتهازية والنصب والاحتيال ، واعتبار الانتخابات وتشكيل المجالس والجماعات فرصة ذهبية للريع والانتفاع من مناصب المسؤولية .
ان ما جرى، في هذه الأيام ، وجرى في الأيام الماضية مباشرة بعد اعلان النتائج ، لا يمكن وصفه الا بالفضيحة ، بل أكثر من الفضيحة ، حين اقتيد منتخبون مثل ” خراف ” في سوق النخاسة والبيع والشراء ، لتحصين الأغلبيات المريحة بوصاية من زعماء تحالف ثلاثي الشر ، وحين نشطت الفنادق والفيلات و ” الفيرمات ” والمنتجعات الصيفية ، وتوزيع المال الحلال والحرام بسخاء ، واختلطت أطباق ” بصطيلة ” و ” الشواء ” ، بوعود المناصب والمسؤوليات والعضوية في الدواوين .
لا يمكن تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد الذي يعول عليه لبناء المغرب ، بمثل هاته الممارسات البالية والشاذة ، فعودة الوجوه القديمة والفاسدة التي تتحمل مسؤولية ما الت اليه الأوضاع يعني الوصول إلى نفس نتائج الفشل وتكرار نفس الكوارث ؛ مقدمات فاسدة تؤدي إلى نتائج فاسدة .
انه قتل ما تبقى من الأمل الى الأبد …وهنا يقطن الشيطان وهنا يقطن التحالف الثلاثي اللاديموقراطي .