علي الغنبوري ( مناضل اتحادي )
لا عيب في ان تخوض الصحافة في أمور الأحزاب ، و ان تنقل للراي العام الوطني ما يدور داخلها ، باعتبارها مؤسسات وطنية تهم كافة افراد الشعب ، لكن عندما يصبح نقل الخبر مقرونا بالخبث و الافساد و التوجيه و الاحكام الجاهزة ، يصبح الامر دافعا للتشكيك و التوجس من النوايا الحقيقية للتعاطي الاعلامي مع الشؤون الداخلية للاحزاب .
نقل الخبر و تنوير الراي العام الوطني ، لا يمكنه باي حال من الأحوال ، ان يصبح مبررا ، لقتل الأحزاب و الاجهاز عليها ، و فبركة الاطروحات المناوئة لها ، و صياغة صورة إعلامية مغلوطة حولها ، و فرض احكام باعدامها ، و بانهاء مسارها .
و يزداد الامر سواء عندما يكون الواقف على هذا العبث الاعلامي ، موضوع اسئلة كثيرة تحوم حول شخصه و نزاهة خطه التحريري ، و سوابقه العديدة في مجال السخرة الإعلامية ، و الضرب من تحت الحزام ، و التدليس المقرون بالبغاء الصحفي ، او بمعنى اوضح “السعاية” الصحفية المنطلقة من منطق “انا واجد للمهام القذرة ” .
مناسبة هذا القول غير مرتبطة ، بما قد يعبر عنه بعض الاتحاديات او الاتحاديون في بعض الجرائد ، و ذلك حقهم و يدخل في باب حريتهم في التعبير عن تصوراتهم و قناعاتهم السياسية و التنظيمية الخاصة بهم ، لكن عندما تتحول جريدة معينة ، إلى منصة اعدام لحزب معين ، و إعداد لكفنه ، و تجعل من صفحاتها و عناوينها قبرا لدفنه ، هنا لا بد من توضيح الامر و ابراز غاياته و منطلقاته ، و كذلك كشف من يقف وراءه و من يشرف عليه .
ما قام به نور الدين مفتاح في علبته الصحفية “الايام” ، اتجاه الاتحاد الاشتراكي ، ليس بالحديث الذي لا يستوجب الاهتمام او الرد ، بل بالعكس هو مناسبة للحسم مع هذه التوجهات الإعلامية التضليلية ، ذات الجدور الاستئصالية ، و التي لم تتوقف منذ عشرين سنة عن تقتيل الاتحاد الاشتراكي و الضرب في كل جسده التنظيمي السياسي بشكل متواصل و غير متوقف ، فتخصيص عنوان في الصفحة الأولى لجريدته لوصف الحزب بالبقايا ، هو وصف لا يمكن لنا كاتحاديين الا ان نجيب صاحبه ، عن حقارته و خسته ، و نبين له سر الحياة الخالدة في قلب الحزب .
نور الدين مفتاح الذي عرف معنى الصحافة ، من عرق الاتحاديات و الاتحاديين ، لا يثير سلوكه اتجاه الاتحاد الاشتراكي ، استغرابنا ، فنحن نعرف الرجل و نعرف كيف غير مساراته الصحفية المتعددة ، وكيف انتقل من دار الحرب الى دار السلم الإعلامية .
هجوم مفتاح على الاتحاد الاشتراكي بهذا الشكل الفج و المقيت ليس وليد اليوم ، و غير مرتبط بمظلة واحدة ، بل بمظلات متعددة ، انتقل فيها الجاني من بوبكر الجامعي و صحيفته التي خصصت لوأد تجربة التناوب و الإتحاد الاشتراكي ، الى بوعشرين و مساهماته المالية ، و ما اتهمه به بوبكر الجامعي في ذات لقاء صحفي من علاقات مع مولاي هشام ، الى فيدرالية الناشرين ، تحت شعار ” تبدال المنازل فيه الرزق ” .
مفتاح الذي هاجم الاتحاد الاشتراكي وهو في قبو قندهار في جريدة الصحيفة خلال زمن ليس ببعيد ، هو نفسه اليوم الذي يريد دفن الاتحاد الاشتراكي و هو في ملاعب الغولف ، بعد ان اصبح السيجار و القبعة اصلا تجاريا ، تعبران عن مرحلة البذخ التي دخلها صحفي ” نزيه جدا” بشهادة المجلس الأعلى للحسابات و تقريره الذي اماط اللثام عن كيف يحتكر الدعم الموجه للمؤسسات الإعلامية و من يستفيذ منه و كيف يتم توظيفه.
نور الدين مفتاح ، الذي سهر على موت فيدرالية الناشرين ، و هو يرى اكبر المؤسسات الإعلامية تنسحب منها و تؤسس لبديل جديد بعيد عن الهيمنة و سرمدية الزعامة ، التي أسس لها ، يريد ان يعطي الدروس للاتحاد الاشتراكي و لمناضلاته و مناضليه ، بل يريد ان يرغمهم على قتل حزبهم ، ليتكلف هو بدفنه ، ارضاء لعقد تاريخية تتحكم في بعض العقول المهوسة بالاتحاد .
ما لا يفهمه نور الدين مفتاح ، ان الاتحاديات و الاتحاديين ، يؤمنون بالمثل المغربي الذي يقول ، ” حتى يموتو اللي كيعرفونا ” ، و يزيدون في جرعات ايمانهم بالمثل الشعبي الاخر ” كل واحد معروف بشطحتو ” ، و خاصة إذا كان هذا الرقص او “الشطيح” صادر عن من يجيد التزحلق لى البطن كلقطة ختامية لنمرته الإستعراضية .
الاتحاديات و الاتحاديون ، يدركون جيدا ، ان نجاح حزبهم ، و رجوعه المتميز لقوته السياسية ، و بداية تعافي جسده التنظيمي ، و قطعه مع ترددات الماضي ، ستزعج عدد من الجهات ، و ستدفع بعض المعتادين على المهام القذرة ، لمهاجمته و لاستئناف نشاطهم المعتاد في الضرب فيه ، و تكرار محاولات قتله الفاشلة ، وهذا هو سر بقاء و استمرار و انبعاث الاتحاد الدائم .