عبد السلام المساوي
3-عمق الرؤية وتماسك الخطاب
مرة أخرى ، كما مرات ومرات سابقة ، يؤكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأستاذ إدريس لشكر وهو يحل ضيفا على برنامج ” نقطة الى السطر ” على القناة الأولى يوم الثلاثاء 26 أكتوبر 2021 ، يؤكد حضوره الاعلامي والسياسي والفكري المتميز : يتحدث ويفكر ويرسل رسائل سياسية دالة وهادفة ، بمسؤولية وحكمة ، الى كل من يهمه الشأن السياسي ببلادنا …
من هنا نسجل ان كلمات وحوارات وتصريحات وتدخلات الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي ، في مختلف وسائل الاعلام ؛ السمعية والبصرية ، الورقية والالكترونية ، وفي المؤسسات الحزبية ، في اللقاءات التواصلية والتجمعات الجماهيرية ….تشكل خطابا متماسكا ومتناغما تحكمه وحدة الفكر ووحدة الرؤية ….
تشكل خطابا مؤسسا على ثوابت مبدئية وقناعات سياسية …
تشكل خطابا أصيلا متأصلا يجمع مكوناته ناظم مشترك هو المشروع الاتحادي ؛ الاشتراكي الديموقراطي الحداثي…
تشكل خطابا ، اساسه هو الارث الاتحادي النضالي وبوصلته هو التفكير الاتحادي المبدع والمستقبلي ….
تشكل خطابا حيا متجددا ، الجديد الذي يحكمه قانون نفي النفي الجدلي ، الجديد الذي يظهر من جوف القديم ؛ الجديد الذي يعني الاستمرار والتطور والتجاوز ، لا الجديد الذي يقطع مع القديم بالمعنى البنيوي…
تشكل خطابا عقلانيا ، بعيدا عن حماس وانفعالات اللحظة ؛ خطابا عقلانيا واعيا وهادفا يحاصر الشعبوية التي تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي مغالطي والذي تأثيره مؤقت في الزمان والمكان …
تشكل خطابا متناسقا منطقيا ، تشكل بنية ، فبالرغم من ان تدخلات الكاتب الأول متفرقة في الزمان والمكان ، فانها موحدة من حيث الثوابت التي تحمي من الوقوع في التناقض …التناقض الذي وقع ويقع فيه الكثير من الزعماء السياسيين الذين يسقطون في التناقضات من مناسبة الى أخرى ( تناقض زعماء الأحزاب المشكلة للتغول ، قبل الانتخابات ، في الحملة الانتخابية ، بعد ظهور النتائج ) ، (تناقض التصريح الحكومي مع البرامج الانتخابية للثالوث المتغول ….)
الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي لا يلغو ؛ يتكلم ولا ينسى انه يفكر ، يفكر ولا ينسى انه يتكلم مستلهما تاريخ الاتحاد الاشتراكي في المسار والصيرورة ومستحضرا التجربة الذاتية الضاربة جذورها في السبعينيات …
ان كل متتبع للخطاب السياسي ببلادنا ، لا بد وأن يخرج بخلاصة سياسية ودالة ؛ مفادها أن كل الساسة والمحللين والإعلاميين والمعلقين السياسيين …لم ولن يستطيعوا الخروج من الخطاب السياسي الاتحادي ومن النسق المفاهيمي الاتحادي ؛ يفكرون ويتكلمون لغة اتحادية ، حتى وإن كانوا يفتقدون إلى الشجاعة الأخلاقية والنزاهة الأخلاقية التي تجعلهم يرتقون الى نبل الاعتراف بابداعات ومبادرات الاتحاد الاشتراكي فكرا وممارسة …بل انذل من هذا ، عندما نستمع إلى بعضهم او نقرأ لبعضهم الآخر ، ونلاحظ كيف تتم قرصنة خطاب ومفاهيم الاتحاد الاشتراكي ، ومنهم من يحاول ان يوهمنا بأنه منتج هذه الأطروحات السياسية بعد أن يتم افراغها من حمولتها وتوظيفها خارج السياق…( فمرحبا بالجميع في الاشتراكية الديموقراطية ) ، كما قال الأستاذ إدريس لشكر
لا احد ، الان وغدا ، يجادل بأن الاتحاد الاشتراكي ناضل وعمل من أجل الارتقاء بالسياسة ، خطابا وممارسة وتنظيما ، واغنى الحقل السياسي بادبيات سياسية رفيعة ومفاهيم دقيقة ومعبرة …مفاهيم ارتقت بالخطاب السياسي ببلادنا من خسة الالفاظ الغارقة في الشعبوية الى رفعة المصطلحات المؤسسة على التفكير الفلسفي والعلمي ، بعد تنقيتها وتطهيرها من شوائب والتباسات اللغة العامية والاستعمال اليومي .
ان الخطاب السياسي الاتحادي يتم إنتاجه داخل اللغة العالمة وبمنهجية علمية …ومنذ البداية ، عمل الاتحاد الاشتراكي على تأصيل الخطاب وتجديده ، وإنتاج المفاهيم واغنائها ، في تفاعل جدلي مع التحولات السياسية والمجتمعية التي تعرفها بلادنا….في هذا الإطار يتأطر خطاب الكاتب الاول ذ لشكر .
ان خطاب الكاتب الاول خطاب عميق يرتقى الى مستوى الأدبيات السياسية الرفيعة التي انتجها الاتحاد الاشتراكي ، منذ التقرير الإيديولوجي ، في محطات حاسمة ومفصلية من تاريخ المغرب….انه خطاب عميق لأنه ، اولا، صادر عن الاتحاد الاشتراكي وعن كاتبه الاول ، ولأنه ,ثانيا ، يأتي في سياق سياسي واجتماعي دقيق ، ولأنه ، ثالثا يروم رفع الجمود والرتابة التي أصبحت تهيمن على حياتنا السياسية ، ولأنه رابعا يتوخى السمو على لغة التهريج ، تبادل التهم والسب ويتوخى القطع مع لغة الشعارات الفضفاضة والوعود الشعبوية….
ان خطاب الكاتب الاول رؤية تحليلية ونقدية ، رؤية اتحادية لتنمية الانسان والمجتمع….انه رؤية بنيوية وجدلية للسياسة والمجتمع ..للتشخيص والبديل..الاختلالات والاقتراحات…انه ، اذن رؤية بنيوية وجدلية ؛
-رؤية بنيوية لانه يشكل نسقا فكريا منسجما تفكيرا وبناء ، نسقا بعناوين كبرى كما جاء في تدوينة معبرة لعضو المكتب السياسي الأخ جواد شفيق ؛
( الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ذ ادريس لشكر في برنامج ” نقطة إلى السطر ” : وضوح الرؤية ، عمق التحليل ، صلابة الموقف :
الوطن / المغرب أولا و دائما ….أيا كان موقع الاتحاد .
لا تساهل مع التغول….و هم يعرفون الاتحاد.
الأفق الاتحادي …خلق توازن بين قوى اليسار و التقدم و التحديث و قوى التخلف و الرجعية و المحافظة … في المجتمع و ليس فقط في المؤسسات…
موقع المعارضة…لن يكون أبدا مسوغا للتحالف مع المحافظبن القدامى … و سيكون للاتحاد نفس المسافة منهم كما مع المحافظين الجدد.
القرار الاتحادي بين يدي الذين صمدوا و صبروا و اصطبروا كي يعود الاتحاد.
و قيادة الاتحاد لن تخرج إلا من أحشاء الاتحاد ..)
نسقا فكريا سياسيا متماسكا منطقيا ، والخيط الناظم هو المنظور الاتحادي اليساري ، الاشتراكي الديموقراطي الحداثي…رؤية بنيوية لانه خطاب يحمل الصدق داخله ، من هنا يرتقى عن لغو الكلام…
-رؤية جدلية لانه ليس خطابا نظريا يتوخى الصدق الداخلي فقط ؛ انسجام الفكر مع نفسه…بل إنه خطاب جدلي تاريخي ؛ خطاب سياسي بحمولة واقعية ملموسة ، يتوخى الصدق الواقعي ؛ انسجام الفكر مع الواقع …رؤية جدلية لأن الخطاب يطرح مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والتنظيمية في ترابطها وتفاعلها وصيرورتها ….
الاتحاد الاشتراكي قوة دفع تقدمية ، يسارية ، اجتماعية – ديموقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع والمساهمة في رسم خطوط المستقبل ، ومناط تحول في المجالات كافة ، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية ….
أن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني ، المتشبع بهويته التقدمية ، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية ، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية ، حداثية ، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد ..
ان الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل ، وان قدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة ، ومؤهلاته النضالية والميدانية ، تجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها ، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب….
ان الاتحاد الاشتراكي كان دائما مالكا للأفق المستقبلي ومن ثم كان يستشرف المستقبل ويفعل في الأحداث ….