محمد البغدادي( باحث في مركز الدكتوراه تخصص القانون الخاص
كلية الحقوق بطنجة)
من المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول قدر الإمكان تنشيط
تحالفات وشراكات اقتصادية وأمنية وعسكرية وتعزيز نفوذها عبر
المحيط الهادئ ،خاصة وأن واشنطن وحلفائها لها خلافات سياسية مع
بكين بشأن منطقتي بحر الصين الشرقي بين بكين واليابان وبحر
الصين الجنوبي بين دول مجموعة رابطة آسيان وبكين، هذا فضلا عن
مخاوفها بشأن التحالف الاستراتيجي بين موسكو وبكين في إطار
التعاون والتنسيق في المجالات الطاقة النووية باستخدام التكنولوجيا
الروسية سنة 2018 والتخلص من هيمنة الدولار الأمريكي واستبدالها
بالذهب ويوان الصيني واليورو والأمن السيبراني، بما في ذلك أمن
البيانات ومكافحة المحتوى الغير القانوني و إدارة الإنترنيت والمراقبة
سنة 2019 .
كما أن الصين في إطار تعزيز نفوذها المتصاعد عبر مبادرة الحزام
والطريق الحريرية والبحث عن تكتلات اقتصادية متينة عبر المحيط
الهادئ طلبت الانضمام إلى اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر
المحيط الهادئ بتاريخ 16 سبتمبر 2021 في ظل التطورات المتسارعة
التي تعرفها منطقة المحيطين الهادئ والهندي، لاسيما وأن الولايات
المتحدة الأمريكية قامت بخلق الشراكة الأمنية الإستراتيجية بين أمريكا
وبريطانيا وأستراليا المعروفة باتفاق أوكوس بتاريخ 16 سبتمبر
2021.
وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بحدة هو: هل
الدخول الصيني في اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة عبر
المحيط الهادئ سيحقق نوعا من التوازن بين الانقسامات السياسية
وبروز أقطاب وتكتلات جديدة في ظل وجود نظامين مختلفين في
التجارة والاقتصاد والتكنولوجيا؟ وبعبارة أخرى كيف يمكن تفسير
الصراع الأمني والعسكري والدفاعي بين بكين وواشنطن في المحيطين
الهادئ والهندي؟.