عبد السلام المساوي
في رسالة الكاتب الأول بعنوان ” مسيرات في عيد المسيرة الخضراء ، يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ ادريس لشكر ” من حق المغاربة ، من كل الأجيال أن يحتفلوا احتفالا استثنائيا هذه السنة بذكرى المسيرة الخضراء ، بالنظر الى طبيعة المرحلة ، داخليا وخارجيا ، وبالنظر الى طبيعة المكتسبات التي تحققت طوال الدفاع عن كيان الأمة الموحد “بين الذكرى 45 للمسيرة الخضراء والذكرى 46 توالت الكثير من الأحداث والوقائع لقنت فيها الديبلوماسية المغربية بالقيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس دروسا كثيرة لنظام جزائري لا ينفع معه التعليم ولا التربية الوطنية ؛
كانت سنة متميزة حقق فيها المغرب الكثير من الانتصارات على واجهات مختلفة ، بل دشن فيها شعبا ودولة مسيرة جديدة تتجه للحسم مع هذا النزاع المفتعل .
هذه السنة نخلد ذكرى المسيرة الخضراء في ظل اخراج الجارة الشرقية لكل الحقد الدفين ، الذي ظل حكامها يعانون منه طيلة السنوات الماضية ومنذ زمن الخيانة الأولى عندما طعنوا المغرب في الظهر واستولوا على مناطق من ترابه وأنفقوا المال والجهد كي يعرقلوا مسيرة وطننا .
هذه المرة وككل مرة تختلق الجزائر الأكاذيب ويدعي حكامها عشية تخليد ذكرى المسيرة أن المغرب قصف شاحناتها وقتل سائقيها .
بالمقابل لطالما أكد المغرب أكثر من مرة أنه لن يمس الجزائريين بسوء ، بل وجاء التأكيد على لسان قائده الحكيم محمد السادس عندما قال في خطاب العرش في يوليوز الماضي : ” أنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر ، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب ، كما لن يأتيكم منه أي خطر أو تهديد ، لأن ما يمسكم يمسنا ، وما يصيبكم يضرنا ” ، وهنا فإن القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية لا يخلف وعده ، وهو ما يفسد على الجزائر حجة البحث عن فتيل حرب .
لم تعد الشروط الدبلوماسية المستجدة التي تواجه الجزائر ووضعها الداخلي المتأزم ، تسمح لحكامها بربح مكاسب دبلوماسية بالشكل الذي خططت له ، مقابل أموالها وغازها وأسلحتها ، فقد أصبح هامش المناورة لديها ضعيفا أن لم نقل منعدما ، خاصة بعد تبدد أحلام الانفصال مع أخر قرار لمجلس الأمن ، واجماع عربي على دعم وحدتنا . أمام هذا الوضع يبقى هامش المناورة واخر الأوراق المتبقية لدى عسكر الجزائر ، هو محاولة الاستفادة مما قد تسمح به غنائم الحرب ، لذلك يبحث عسكر الجزائر عن أي قشة لاشعال حرب لن يربح فيها أحد .
كل يوم كذبة جديدة …كل يوم إشاعة….تلك هي استراتيجية النظام الجزائري ….فالالة الدعائية لهذا النظام لا تمل من الكذب والتلفيق وهي تصنع الاشاعة وتروجها وتكون أول من يصدقها .
اليوم تصرف السلطات الجزائرية الكثير من الوقت والجهد والمال في العداء على المغرب وتترك مشاكل الشعب الجزائري وقضاياه عرضة للاهمال ، ومن نتائج هذا الإهمال حدة الفقر الذي وصلت له بعض الفئات والأسر التي أعلنت صراحة فيديوهات ينشرها الاعلام الجزائري نفسه ، عن بيعها لأبنائها ، لأنها لا تستطيع أن توفر لهم الطعام واللباس ، فبالأحرى حاجيات الدراسة .
وفي اللحظة التي تدق فيها الجزائر طبول الحرب وتبحث بشق الأنفس عن أسباب مفتعلة ، ويصر الانفصال حركة ودولة على المضي قدما في نهج المغالطات وتزوير الحقائق واتباع سياسة تضليلية مكشوفة ومفضوحة ، فإن المغرب ماض في نهجه التنموي الثابت ، ولن توقف مسيرته تلك الاستفزازات والتحرشات والحركات البهلوانية لنظام فقد كل فرامله وأصبح يخبط خبط عشواء .
لا مجال ولا وقت لدينا لنهدره على نظام غير متزن همه الوحيد ومبتغاه الفريد هو إيقاف قطار التنمية ببلادنا بأي طريقة خشنة ، فنحن دولة أفعال لا دولة بهلوانيات .
ان خيار التنمية والمزيد من التنمية يظل هو الحل الحاسم في ما يجري على الأرض ، ثم بعد ذلك تأتي القوة الدبلوماسية والعسكرية لضمان الدفاع عن ما تحقق في انتظار المزيد
من مسيرات الذكرى : المسيرة الدبلوماسية ، المسيرة التنموية ، المسيرة الديموقراطية ؛
يقول الأستاذ إدريس لشكر : ” المسيرة التنموية : فقد كانت الصحراء المغربية العنوان الأبرز للتنمية في بلادنا ، وكان من الواضح أن التعبئة من أجل خدمة الساكنة ، خطة تأمين الوحدة عبر الانسان لقيت ترحيبا دوليا ، وأعطت للمغرب فرصة لا تتاح للدول في كل حين ، لاعادة النظر في نموذجه التنموي ، واعادة النظر في الطبيعة الترابية الجديدة للدولة من خلال خدمة الجهوية المتقدمة ، ويجدر بنا أن نحيي أبناءنا في الأقاليم الصحراوية على غيرتهم الوحدوية ، وانخراطهم الواسع في التعبئة السياسية لانجاح هذه الجهوية في أفق الحكم الذاتي… . “
ستة و أربعون سنة لم تكن ضائعة ولا متهاونة وللذي قد يشكك في بعض هذا الكلام ما عليه سوى زيارة العيون أو الداخلة أو السمارة ليقف على ما تحقق من منجزات .
ان روح المسيرة الخضراء ، التي أطلقها الراحل الحسن الثاني ، بقيت مستمرة ومتواصلة الى اليوم ، وهذا نهج مغربي يصبو نحو الحداثة والحكامة والتنمية المستدامة . وبروح المسيرة الخضراء ستظل الصحراء مغربية بشرعيتها وبنمائها وبازدهارها .
المسيرة الخضراء ليست مجرد ذكرى وطنية نحتفل بها والسلام ، هي درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وابدأ ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم .
يقول الأستاذ ادريس لشكر : “ان المسيرة الخضراء اليوم عند المغاربة أسلوب وجود ، وروح تمس بحرارتها كل مناحي الحياة الوطنية ، ويحسن للمغاربة أن يفتخروا بها ، وهم يشاهدون ما يتحقق بفعل الوحدة الوطنية والاجتهاد الديموقراطي والمجهود التنموي ، لخلق مجتمع متضامن وحداثي ، بدولة قوية وعادلة ….”