الدكتور محمد البغدادي (باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق بطنجة)
لقد بات واضحا اليوم أن انضمام دولة إسرائيل عضوًا مراقبًا في الاتحاد الإفريقي بشكل رسمي بتاريخ يوم الخميس 22 يوليوز2021 على ضوء تقديم السفير الإسرائيلي لدى إثيوبيا أليلي أدماسو أوراق اعتماده بصفة مراقب في الاتحاد الإفريقي إلى رئيس مفوضية الاتحاد موسى فقي محمد في مقر المنظمة في أديس أبابا، يأتي في سياق دولي يعرف العديد من التطورات الجارية في النظام الدولي والمتغيرات الجيو استراتيجية والجيو السياسية التي تشهدها القارة الإفريقية على ضوء التصارع الأمريكي الصيني الروسي حول الثروات الموجودة في أراضيها وبروز موازين قوى وتحالفات جديدة على صعيد القاري أو الإقليمي، بما في ذلك انعقاد القمة الإفريقية الخامسة والثلاثون للاتحاد الإفريقي في 5 و6 فبراير 2022 بأديس أبابا في إثيوبيا التي حملت العديد من الملفات العالقة والشائكة حسب ما تضمينه في البيان الختامي لهذه القمة، وعلى وجه التحديد تعليق منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي، وتزايد الانقلابات العسكرية على غرار بوركينافاسو ومالي وغينيا والسودان، والحد من الإرهاب، والتصدي لجائحة كورونا، وغياب عدالة التلقيح من خلال توزيعه على الدول الإفريقية، واستمرار الصراعات المسلحة، وإشكالية الأمن الغدائي، وندرة المياه، والإدماج الإقليمي الاقتصادي.
وينبغي التذكير إلى أن تعليق القادة الأفارقة منح إسرائيل صفة مراقب في مؤسسة الاتحاد الإفريقي يعرف نقاشات وخلافات عميقة داخل أروقة هذا الاتحاد بين ما هو مؤيد وما هو رافض، بما في ذلك استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية من جهة، والدول الرافضة كالجزائر وجنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا من جهة أخرى.
كما أن الدول الرافضة قالت أن إسرائيل تسعى منذ وقت مبكر لتوطيد علاقاتها مع 46 دولة أفريقية وفي القلب منها دول حوض النيل ، لأن لها مخططًا كبيرًا ومعروفًا بإقامة دولة لها من النيل إلى الفرات ، هذا فضلا أنها تهدف لخنق مصر والسودان تمامًا كما كان لها دور سلبي في جميع مشكلات العالم العربي واحتواء الثروات الأفريقية وفي مياه النيل.
بالإضافة إلى ذلك ، هناك مخططات لدولة إسرائيل للوصول إلى مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية في إفريقيا ، حيث قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية انضمام بلادها مرة أخرى إلى الاتحاد الأفريقي عضوًا مراقبًا عبر سفيرها لدى إثيوبيا في بيان “لأول مرة منذ عام 2002، قدّم سفير إسرائيل لدى إثيوبيا أليلين أدماسو أوراق اعتماده عضوًا مراقبًا لدى الاتحاد الأفريقي دون أن توضح خلفيات الخطوة” ، شهدت العلاقات بين إفريقيا وإسرائيل توترات منذ ستينيات القرن الماضي مع اندلاع حركات التحرر الوطني في القارة السمراء وتصاعد الصراع العربي الإسرائيلي، كما دفعت الحروب الإسرائيلية مع الدول العربية عامي 1967 و1973، إلى قطع الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها بإسرائيل قبل أن تبذل تل أبيب على مدار السنوات التالية مساعٍي كبيرة لتحسين العلاقات بالعديد من دول القارة.
وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بشدة هو: كيف يمكن لدولة إسرائيل أن تصحح الأخطاء التي ارتكبتها إزاء القضية الفلسطينية في ظل هذا التوجه الجديد نحو إفريقيا؟ و بعبارة أخرى هل هذه الخطوة ستشجع على تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في بلدان القارة الإفريقية مع العلم أن التاريخ خير شاهد على ما جرى في دولة فلسطين؟.