الذكاء الاستراتيجي لخيارات وثوابت الدبلوماسية المغربية

الدكتور محمد البغدادي (باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق بطنجة)

لاريب في أن عدم الحضور المغربي في جلسة التصويت لوقف الغزو الروسي لأوكرانيا في ظل تواجد الدول المغاربية كالجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا، أثار العديد من التساؤلات والنقاشات والاختلافات داخل المنظومة الدولية برمتها، إزاء الموقف المغربي الواضح والحازم والثابت حول عدم مشاركة المملكة المغربية في التصويت على قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والمتعلق بوقف روسيا عن استخدام القوة وسحبها على نحو فوري وكامل وغير مشروط جميع قواتها العسكرية من أوكرانيا بتاريخ 2 مارس 2022، وهو ما ينسجم إلى حد كبير مع ثوابت السياسة الخارجية المغربية، ومبادئها وخياراتها المتزنة والرزينة التي تؤكد في أكثر من مناسبة على التروي والحس الإنساني المبني على تقديم المساعدات الإنسانية واستحضار مبدأ السلم بمفهومه الشامل ، وذلك باعتبار أن المملكة المغربية عضوا فاعلا في حركة عدم الانحياز منذ انضمامها سنة 1961.

وتجدر الإشارة إلى أن منطلقات وأبعاد الغياب المغربي في جلسة التصويت للقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والمتمثلة في تمسك المملكة المغربية بمبدأ الحياد الإيجابي، وعن نضجها ووعيها السياسي والدبلوماسي بالمتغيرات والمحددات الجيو السياسية الجديدة، ومراعاتها بحكمة وتوازن المصالح الحيوية الوطنية والدولية الكبرى وحساسيات ذات الطبيعة الاستراتيجية وفق العقيدة السياسية والسيادية التاريخية على حد سواء، ورفضها بشكل قاطع لعبة المحاور أو الاصطفاف، وهذا ما تم توضيحه في بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بتاريخ 2 مارس 2022 الذي يسير على نفس نهج بلاغ وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بتاريخ 26 فبراير 2022، فالمملكة المغربية تؤكد بشكل واضح على عدم اللجوء إلى القوة لتسوية النزاعات بين الدول، وتشجع جميع المبادرات والإجراءات التي تسهم في تعزيز التسوية السلمية للنزاعات، هذا فضلا عن احترام الوحدة الترابية والسيادة والوحدة الوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بشدة هو: هل المجتمع الدولي واعي كل الوعي بالخيار المغربي بعدم مشاركته في جلسةالتصويت على قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة ؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *