مصطفى مسعاف
انطلقت صباح اليوم الثلاثاء، فعاليات الندوة الدولية حول ” اللسانيات و التنمية : مساهمات في تطوير المجال و المجتمع”، التي تسهر على تنظيمها مؤسسة فكر للتنمية والعلوم والثقافة بشراكة مع جمعيات جهات المغرب وذلك بأروقة كلية الآداب التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط.
ويشارك في هذه الندوة الدولية عدد من الأساتذة والطلبة الباحثين، علاوة عن دكاترة ومفكرين من عدة دول عربية إفريقية. كما حضر انطلاق فعاليات هذه الندوة شخصيات سياسية ومسؤولون حكوميون.
وتخلل كذلك حفل الانطلاقة الفعلية للندوة، كلمة وجهه محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم، حيث رحب في بدايتها بالوفود والشخصيات المشاركة في هذه الندوة الدولية.
وأكد الدرويس أن تنظيم هاته الندوة الدولية في موضوع ” اللسانيات والتنمية.. مساهمات في تطوير المجال و المجتمع”، يأتي في سياقات وطنية ودولية، حيث شدد أنه على المستوى الوطني ” نعيش كباقي الدول – بتفاوتات طبعا- انعكاسات كوفيد 19 اقتصاديا واجتماعيا و نفسيا و مجتمعيا . و اما دوليا فالحرب بين روسيا و اوكرانيا وما تخلفه من ويلات ودمار انساني في المنطقة بل انها اليوم تمس دولا اخرى بسبب تأثير سلبي تربويا و اقتصاديا و سياحيا و سياسيا عليها وباقي دول العالم ومنها المغرب . مما قد يكون سببا في اندلاع ازمات اجتماعية و سياسية معقدة ستمس كل الدول و الطبقات . حرب ستجر الويلات على الجميع بسببها وبسبب المخاض الذي يعيشه العالم من الناحية الجيوسياسية قد تنهي مع العالم بقرن واحد و تعيد صناعة خارطة جديدة للتكتلات الاقتصادية الدولية قائمة على الاقتصاد و اقتصاد المعرفة و المصالح القائمة على منطق رابح رابح ( وين و ين ).”
كما تابع الدرويش قائلاً : ” نلتقي في ظرف وطني ودولي نسجله في المغرب باعتزاز كبير و ارتياح عميق يتمثل في نتائج الدعم غير المسبوق لمبادرة الحكم الذاتي من اجل التسوية النهائية للنزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية و الذي لقيته المملكة المغربية في مجلس الامن باعتبارها مبادرة تنبني على الجدية و المصداقية و الواقعية و المحترمة للشرعية الدولية، الشيء الذي جعل دولا عديدة تقارب الثلاثين تقرر فتح قنصلياتها بمدينتي العيون و الداخلة اضافة الى دول عديدة من القارات الخمس تساند الحل السياسي وقرارات مجلس الامن. وفي ذلك رسائل سياسية عميقة و قوية تترجم التضامن العربي و الاخوة الصادقة من اجل الاستقرار و السلم في عالمنا العربي و منطقتنا المغاربية و المتوسطية.”
كما أضاف ” نلتقي و امتنا العربية تسير بخطى ثابتة نحو طي الخلافات بين اعضائها في افق استعادة القرار السياسي المشترك، كما زاد قائلاً : ” نلتقي في زمن لم يمر على النقاش الوطني الذي شهده المغرب حول مقتضيات تفعيل القانون الإطار51 – 17 المرتبط بإصلاح منظومة التربية و التكوين و البحث العلمي اقل من ثلاث سنوات خصوصا الشق المرتبط بالهندسة اللغوية في تدريس بعض المواد العلمية و التقنية انتهى بالتوافق على النقط الخلافية و التوجه نحو تثبيت السياسات اللغوية و تقوية انفتاح المنظومة التربوية على اللغات الاجنبية من فرنسية و انجليزية و اسبانية و صينية و غيرها.”
الدرويش أشار قائلاً : ” نلتقي بعد ان قررت المملكة المغربية منذ سنوات إحداث تغيير جذري في الإدارة الترابية للبلاد تنفيذا لقرار ملكي سام ، قصد ولوج مرحلة تنموية نوعية جديدة ، وذلك بالتخفيف الى أقصى حد ممكن من التدبير المركزي واعتماد الجهوية المتقدمة وسياسة اللاتمركز، نقلة مرحلية جديدة.”
وتابع ” وقرار اثبت أن بلادنا تسير فعلا في الاتجاه الصحيح ، حيث تفاعلت معه كل الجهات المعنية ، بالمسؤولية اللازمة ، وعلى رأسها وزارة الداخلية التي انخرطت في ورش تفعيل المرسوم بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري ، بإعداد التصميم المديري الخاص بالوزارة ، والذي اتسم بالجودة المستجيبة لمعايير التصميم المديري المرجعي. وبهذا الخصوص ، نأمل أن يلقى ورش اللاتمركز المواكبة من قبل مختلف مستويات الجماعات الترابية ، التي عليها واجب إيجاد البنيات الإدارية الموازية ، والكفيلة بإطلاق التنمية المتعددة الابعاد التي تصبو لها بلادنا.”
وفي علاقة بموضوع الندوة، أكد محمد الدرويش أن اللغات تعد رافعة من رافعات التنمية بكل انواعها و مستوياتها لأنها احد مفاتيح نجاحها او فشلها لأنها مرآة للمجتمع و ثقافاته المتعددة في زمن انكسرت فيه الحدود . ندوة يساهم في اشغالها ثلة من الاكاديميين و الطلاب الباحثين من اجيال مختلفة مؤسسة للدرس اللساني العربي و مطورة لنظرياته. نخبة منها من تمكن من النحو العربي القديم و انخرط بعضها في نقد الاصول او في حركات تجديد الدرس النحوي و منها من تجاوز ذلك بالخوض في النظريات اللسانية المعاصرة بدءا بالمنهج الوصفي و مرورا بالبنيوية و التوليدية و الوظيفية و غيرها من المدارس اللسانية المعاصرة و التي انصب اهتمامها على دراسة و تحليل الظواهر اللغوية في مستوياتها الصوتية و الصرفية و المعجمية و التركيبية و الدلالية و التداولية.
والكل ينطلق من التراث النحوي العربي من خلال قراءات نقدية او وصفية او تحليلية قصد بناء تصور جديد لقضية من القضايا… ثم ينتهي البناء بطرح نظري
لكل ذلك اخترنا عدم الخوض بعمق في المسالة اللغوية في كلمة مؤسسة فكر امامكم و اكتفينا بالتذكير ببعض السياقات الوطنية و الدولية لانعقاد هاته الندوة و كذا بعض الاهداف و المرامي المرجوة منها.
كما أضاف الدرويش ” إن عمليات التعلم و التعليم مسؤولية الجميع يتداخل فيها التربوي و النفسي و الاجتماعي و الديداكتيكي و من المؤكد ان للساني و النحوي دورا اساسا في مجموع المراحل ، لكل ذلك نوجه نداء للحكومة المغربية من اجل تبني سياسة لغوية تحترم المقتضيات الدستورية و تستحضر التطورات العالمية في مجالات التلقين و التعلم و التكنولوجيا المعاصرة كما نوجه دعوة لمعشر اللسانيين المغاربة خصوصا و العرب عموما لتبسيط القواعد اللغوية و عمليات تلقين الدرس النحوي في كل المراحل التعليمية بهدف تحديث النحو والتخفيف من حمولته فالزمن زمن المجهود الاقل في كل شيء و لا بد ان تتاقلم مجتمعاتنا مع هاته الاوضاع دون ان يعني ذلك التنكر لتاريخ امتنا و عطاءات علمائنا عبر التاريخ ، و بذلك نكون امام قضايا النظر في النحو المتعدد ، والمتن المتعدد ، واللسانيات المتعددة.
الى ذلك، فإن فعاليات هذا الندوة الدولية التي تنظم بمختلف مدرجات كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، ستستمر على مدار ثلاثة أيام من 21 الى 23 يونيو الجاري، وذلك بمشاركة دولية مهمة من سائر ارجاء الوطن العربي وكذا من دول إفريقية وخصوصا البلدان الناطقة منها باللغة العربية.