هاشتاغ.الرباط
احتضن مقر مجلس المستشارين، صباح اليوم الخميس، ندوة برلمانية دولية حول موضوع “السيادة والأمن الغذائي بين تحديات الظرفية العالمية ورهانات الأمن الاستراتيجي.
وفي هذا الصدد، أكد النعم ميارة في مداخلته له بهذا الخصوص، أن هذا اللقاء يشكل بعدا أساسيا في الدينامية التي أطلقها مجلس المستشارين في مجال الأمن الغذائي، الذي نعتبره أحد المسارات الكبرى في الرؤية الاستراتيجية لعمل المجلس على مستويات التشريع ومراقبة العمل الحكومي والديبلوماسية الموازية. ونعتز بكون هذا اللقاء الدولي يجمع ممثلي القطاعات الحكومية والمنظمات الدولية المعنية ويتشرف كذلك بحضور ممثلين عن مجموعة من البرلمانات الاقليمية، بالإضافة الى ثلة من ممثلي مراكز التفكير والخبراء والباحثين الدوليين والوطنيين. وهو ما يؤكد مكانة الرباط كعاصمة للتعاون جنوب-جنوب وفضاءا لمناقشة القضايا الانسانية الكبرى وللتفاعل مع الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية لشعوبنا.
وأضاف ميارة أن هذه الندوة تنعقد في سياق عالمي صعب ومعقد، يتصدر فيه موضوع السيادة والأمن العذائي الأجندات الوطنية والدولية، خصوصا وأن العالم يواجه أزمةشذ تضخم غير مسبوقة منذ سنوات وحالة من الشك وعدم اليقين في أسواق الغذاء والطاقة وسلاسل اللوجيستيك والتوريد. كما يلاحظ وجود ارتفاع كبير في الطلب العالمي للغذاء وتوجه مجموعة من الدول الى تقييد تصدير المواد الأساسية كالقمح والأرز والسكر والزيوت وبعض المواد الأولية الأخرى الخاصة بالصناعات الغذائية. وحسب مجموعة من التقارير والأبحاث الدولية فإن الأسباب الرئيسية لهذه الوضعية الصعبة تتعلق باستمرار تداعيات وباء كوفيد 19 بصفة عامة وسياسة صفر كوفيد بالصين، حيث أن منظومة الامداد العالمي لا زالت لم تستطع الرجوع الى مستويات ما قبل الجائحة، ومواجهة العرض العالمي للغذاء لصعوبات كبيرة لضمان التعافي والقدرة على بلوغ مستويات أعلى من الطلب العالمي.
وأوضح ميارة أن الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة العالمية التي تضاعفت في السنة الأخيرة، والتي تشكل السبب المباشر في حالة التضخم التي يعرفها العالم حاليا، خصوصا في ظل الارتفاع الكبير في تكلفة اللوجيستيك البحرى بمستويات تتعدى 500% في بعض الحالات. وهذا الوضع قد ضاعف أسعار مجموعة من المواد الأساسية وخلق ارتباكا في منظومة سلاسل القيمة الغذائية العالمية.
علاوة عن ذلك فإن الحرب بأوكرانيا تعتبر كذلك أحد أسباب تفاقم أزمة الأمن الغذائي بالعالم، وذلك للمكانة الهامة لروسيا وأوكرانيا في أسواق الغذاء العالمية. خاصة وأن البلدين يعتبران منتجان رئيسيان للقمح والشعير والذرة، كما يساهمان بنحو 12% من صادرات بذور اللفت عالمياً، و10% من بذور نوّار الشمس. والوضع مرشح للتفاقم في ظل عدم اتضاح الصورة في قدرات أوكرانيا على ضمان تعافي منظومتها الفلاحية بفعل استمرار حالة الحرب وإغلاق الموانئ الرئيسية بالبلاد.
وأشار ميارة الى أن التغير المناخي يشكل تهديدًا مضاعفًا للمنظومة العالمية للأمن الغذائي، فمنذ أوائل التسعينات تضاعفت أعداد الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي، وهو ما نتج عنه انخفاض إنتاجية المحاصيل الأساسية وساهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض الدخل وعدم الاستقرار. بجانب دخول مجموعة من الدول الأوروبية والمتوسطية في حالة من الجفاف تنذر بإشكالات أكثر تعقيدا على مستويات الانتاجية الفلاحية.
وتابع ميارة قائلا أن هذه الأسباب تؤكد أننا نواجه مأزقا غذائيا هيكليا، والعالم يقف عند منعطف حاسم، يحتم على الجميع التفكير في انبثاق أجندة عالمية جديدة للسيادة والأمن الغذائي وبناء نماذج وطنية فعالة لضمان الامدادات اللازمة للغذاء بشكل عادل ومنصف. ونحن مدعوون لابتكار أساليب جديدة لموجهة هذه الأزمة، والابتعاد عن الشعارات في تعاملنا مع هذا الموضوع. خاصة وأن السيادة والأمن الغذائي يشكلان اليوم أحد المرتكزات الرئيسية للأمن الاستراتيجي الوطني والدولي، ومحددا أساسيا لبناء منظومة مستدامة لصناعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.