استبعد مجلس المنافسة، في رأيه الصادر يوم الاثنين 26 شتنبر 2022، أي عودة محتملة للدعم المباشر للغازوال والبنزين، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يضر بالاقتصاد الوطني، داعيا، في المقابل، إلى إرساء مساعدات مباشرة موجهة للسكان الأكثر هشاشة ومنح إعفاءات ضريبية ملائمة لفائدة الطبقة الوسطى.
وأوضح تقرير المجلس، الصادر بعنوان “الارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام والمواد الأولية في السوق العالمية وتداعياته على السير التنافسي للأسواق الوطنية، حالة المحروقات، الممثلة في الغازوال والبنزين”، أن الدعم المباشر للغازوال أبان عن محدوديته في الماضي، باحتكاره لموارد مالية تجاوزت سنة 2012، على سبيل المثال، 50 مليار درهم؛ “أي ما يعادل ميزانية وزارة التربية الوطنية أو حوالي خمسة أضعاف من الميزانية المخصصة لوزارة الصحة في ذلك الحين”.
اسبتعاد أي تخفيض في الضرائب
ويقترح المجلس على الحكومة، لتمكين الدولة من تمويل التكاليف المتزايدة لصندوق المقاصة، التي تجاوزت 19 مليار درهم خلال النصف الأول من سنة 2022، “استبعاد أي تخفيض في الضرائب المفروضة على الغازوال والبنزين، والتي تساهم بشكل كبير في المداخيل الإجمالية للدولة”.
وأشار مجلس المنافسة، في هذا الإطار، إلى أن الدعم المباشر لهذه المواد يترتب عنه أسعار “اصطناعية”، لا تعكس الواقع الاقتصادي للفاعلين، وتحول دون ضمان السير العادي للمنافسة في الأسواق المعنية، ويستفيد منه، بالدرجة الأولى كبار المستهلكين (الفئات السكانية الميسورة) التي تتوفر على الوسائل لشراء المواد المذكورة بصرف النظر عن أسعارها.
وأوضح أن هذا الدعم يفضي بشكل مباشر إلى تحويل المساعدات المفترض توجيهها للسكان الذين يعانون من الهشاشة ويستهلكون هذه المواد بدرجة أقل (الدراجات النارية وغيرها من العربات المعتبرة في حكمها) لصالح فئات سكانية ميسورة.
كما أثبتت التجربة، وفق رأي المجلس، أن “الدعم يفضي إلى الاستهلاك المفرط للطاقة الأحفورية التي لا ينتجها المغرب، ويؤخر بالتالي الانتقال إلى الطاقات المتجددة التي تجسد مستقبل الطاقة على الصعيد العالمي، وحيث يمكن لبلادنا أن تحتل مكانة هامة فيه”.
تعديل الضريبة على الدخل
وبديلا لذلك، أوصى المجلس الحكومة بالتسريع من وتيرة إرساء وتفعيل برامج اجتماعية ملائمة تروم دعم السكان الذين يعانون من الهشاشة بشكل فعال.
ويمكن أن يتحقق هذا الأمر، وفق توصيات المجلس، عبر التسريع من وتيرة السجل الاجتماعي الموحد، الذي سيساهم في تحقيق هدف مزدوج يكمن في تحديد واستهداف بشكل فعال الفئات السكانية المعوزة والمؤهلة للاستفادة من المساعدات المباشرة، وحذف بشكل كلي صندوق المقاصة، “طالما أنه سيستنفذ سبب وجوده، وسيمكن الدولة من إعادة توجيه الوفورات المحققة لتمويل البرامج الاجتماعية”.
كما أوصى المجلس بالتفكير في تعديل الضريبة على الدخل، وكذا نظام التعويضات العائلية بهدف مضاعفة المدخول الذي تتوفر عليه هذه الشريحة الاجتماعية، وذلك أخذا بعين الاعتبار المكانة التي تحتلها الطبقة الوسطى في الاقتصاد الوطني، لا سيما من خلال مساهمتها الكبيرة في الاستهلاك الوطني، وباعتبارها المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي بالبلاد، مشيرا إلى إمكانية إدراج هذه التدابير في قوانين المالية المقبلة.
وشدد مجلس المنافسة على ضرورة الإبقاء على واقع أسعار البيع الذي يعد، بحسبه، الوسيلة الوحيدة الكفيلة بخلق ظروف منافسة حرة ونزيهة في هذه الأسواق.
وسبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصى، بدوره، في تقرير سابق حول الطبقة الوسطى بالمغرب، بتعزيز القدرة الشرائية لهذه الشريحة الهامة من المجتمع المغربي، داعيا إلى سن ضريبة للأسرة أكثر ملاءمة تأخذ بعين الاعتبار نفقات التكفل العائلي، مع تعزيزها بتعويضات عائلية أكبر مواكبة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر، بما في ذلك نفقات تعليم الأبناء.
ويتقاطع هذا التوجه الذي يدعو إليه المجلس مع ما يشدد عليه النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إلى تعزيز الطبقة المتوسطة، من خلال سن ضريبة للأسرة باعتبارها ملزما واحدا تكون أكثر ملاءمة وإنصافا من تضريب أفراد الأسرة كل على حدة وأكثر مواكبة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر وتأخذ بعين الاعتبار نفقات التكفل العائلي.