عاد موظفون بالمكتبة الوطنية بالرباط، إلى إثارة ما يصفونها بـ”اختلالات” في صفقة أشَّر عليها محمد الفران مدير المكتبة، بمبلغ إجمالي ضخم يقدر بمليار و800 مليون سنيتم، مطالبين بفتح تحقيق.
وبينما كان الفران قد دافع في تصريحات صحافية عن هذه الصفقة، مبرزا أنها في طور الإعداد، تساءلت النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية كيف لصفقة عمومية أن تكون في طور الإعداد وقد تم الإعلان عن فتح طلب العروض الخاص بها من خلال نشره بالجرائد الوطنية وفي الموقع الرسمي الخاص بالصفقات العمومية، وتم رصد الاعتمادات المالية لها والتأشير عليها والمحددة.
بل الأكثر من ذلك، تضيف النقابة في ردها على الفران، “فقد تم تكليف مكتب للدراسات، حامت حوله العديد من الشبهات، من أجل إعداد دفتر التحملات الخاص بالصفقة، وتم تحديد المنافسين الذين تقدموا بطلب ترشيحهم، حيث برمجت لهم إدارة المؤسسة زيارة تفقدية لمنشآتها، وصولا إلى عقد اجتماع فتح الأظرفة لتحديد العرض المناسب مع المتنافسين حول الصفقة”.
وأكدت النقابة أن الصفقة مثار الجدل، “وصلت لمرحلة شبه نهائية لولا رفض رئيس لجنة فتح الأظرفة تمريرها لما يشوبها من خروقات بالجملة”، مشيرة إلى أن الفران “تهرب في تصريحه من الإجابة عن جملة الخروقات والمساطر اللاقانونية التي شابت عملية فتح الأظرفة (خرق فاضح للفقرة 1 و3 من المادة 35 من القانون المحدد لشروط وأشكال تمرير الصفقات العمومية الخاص بالمكتبة الوطنية المتعلقة بشروط تشكيل اللجنة والآجال القانونية لتبليغ أعضائها، بالإضافة إلى الحضور المشبوه وغير القانوني لمكتب الدراسات خلال سير أشغال فتح الأظرفة).
كما لم يجب، يضيف المصدر ذاته، عن سبب غياب المسؤولة الوحيدة بشعبة الموارد المالية والمكلفة بصفة مبهمة بشعبة “الصفقات والتجهيز” عن هذه اللجنة، علما أن من سبقوها في هذا المنصب كانوا يترأسون جل لجان فتح الأظرفة الخاصة بالصفقات العمومية، ضمانا للتطبيق السليم للمساطر الإدارية المعمول بها في هذا الشأن.
ونددت النقابة بتهديد مدير المؤسسة باللجوء إلى القضاء وممارسة الضغط على أعضاء النقابة الوطنية ومناضلي الاتحاد المغربي للشغل، من أجل “ثنيهم عن فضح هذه الممارسات غير القانونية”.
وردا على ما جاء على لسان مدير المكتبة الوطنية بكون أحد أعضاء النقابة المذكورة، يشكل موضوع بحث من لدن المجلس الأعلى للحسابات، نفى إخوان الميلودي موخاريق ذلك مشددين على أن كلام الفران “يعد تدليسا وتشهيرا متعمدا بأعضاء النقابة الوطنية ومحاولة بئيسة لتشويه سمعتهم وشرفهم”.
وأوضح البيان: “إن النقابة الوطنية، وعند كل عملية تجديد للمكتب الوطني، نقوم بإشعار مدير المؤسسة رسميا بتشكيلة الأعضاء المعتمدين (ونتوفر على كل الإشعارات بالتسلم من طرف مكتب الضبط بالمكتبة الوطنية) لذلك فهو يعلم علم اليقين أن أعضاء المكتب الوطني منزهين عن كل شبهة فساد تستوجب التحقيق”، متابعا: “نطالبه بالإدلاء بأي وثيقة رسمية تثبت صحة ادعاءه منذ إشرافه على إدارة المؤسسة. ونتساءل بشكل غريب و محير: كيف لمدير مؤسسة يدعي الشفافية ومحاربة الفساد، ويعلم بوجود اختلالات، أن ينتظر لما يقارب الثلاث سنوات حتى يراسل المجلس الأعلى للحسابات في الموضوع!؟”.
وكشفت النقابة ذاتها أن الفران “يستعين في تدبيره لشؤون المكتبة الوطنية برموز الفساد داخل المؤسسة، منهم من كان موضوع تحقيق من طرف مفتشية وزارة الثقافة، تم على إثره إعفاؤه من منصب المسؤولية، وآخر تم كشف جملة الإختلالات المالية التي وقعت بصفقة عمومية تحت إشرافه، في تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، تم على إثرها إعفاؤه أيضا من منصب المسؤولية في عهد الإدارة السابقة”.
وطالبت النقابة الجهات الموكول إليها حماية المال العام بالتدخل لإنقاذ المؤسسة مما وصفتها بـ”الانهيار”، مطالبة الوزارة الوصية بتنفيذ مضامين التعليمات الملكية القاضية بربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك بفتح تحقيق شامل لكل الصفقات العمومية داخل المكتبة الوطنية.