بقلم عمر بنجلون
بعد اغتيال الشهيد المهدي بن بركة اكتوبر 1965، عرف الإتحاد الوطني للقوات الشعبية كاستمرار لحركة التحرير الشعبية و جيش التحرير، جناحا مسلحا يدعى في كلمة مختزلة “التنظيم”، سيعرف فيما بعد ب “الإختيار الثوري” المخالف للخيار الديموقراطي الذي كان يرفض الكفاح المسلح ضد النظام القائم في ستينيات و بداية سبعينيات القرن الماضي.
كان مناضليه في مخيمات الزبداني و دمشق بسوريا و اغوار الأردن و عين البيضاء و الجزائر العاصمة و طرابلس و باريس و مدريد و لبنان، في محاولة خلق بؤر ثورية داخل المغرب على الطريقة الكوبية أو حرب العصابات على طريقة عبد الكريم الخطابي بالريف في مواجهة المستعمر الفرنكو-اسباني، كان مصير معضمهم الإستشهاد في ساحة الشرف بمولاي بوعزة او املاكو او قصر السوق، و الإعتقالات و التعديب في دار المقري او درب مولاي الشريف او مكونة.
(المهدي بنونة – ابطال بلا مجد، دار نشر طارق).
كانا محمد البصري قائد جيش التحرير و عبد الرحمن اليوسفي أبرز قياديي الجناح الثوري من الناحية السياسية و العسكرية و الدبلوماسية و اللوجيستية، و كانا أمناء المالية الثورية الممنوحة من بعض الأثرياء المغاربة في المهجر و بالداخل و حزب البعث بشقيه السوري و العراقي و الجماهرية الليبية.
القياديان فوضوا الأمر المالي لبعض “الملازمين” المشكوك في أمرهم، اللذين حولوا مالية الثورة لثروة شخصية تحولت لعقارات و رؤوس أموال و مساهمات حصصية في الخارج و الداخل، لكن مات القياديان في عفاف و مستوى معيشي متوسط مقتنعين بأداء الواجب الوطني من محاربة الإستعمار إلى مناهضة الديكتاتورية إلى القبول بالتناوب و المصالحة.
مدة قبل وفاة الفقيه البصري نشرت جريدة الصحيفة غلاف حول “الضباط الاحرار”، و في زيارة والدي احمد بن جلون لقائده الفقيه البصري حضيت بشرف مرافقته لهذا اللقاء الأسطوري بالنسبة لي، فسألني الفقيه قبل السلام و بهدوء تام : “انت عمر ؟ هل تقرأ الجرائد ؟ ما رأيك في حركة الضباط الاحرار ؟” … و انصرف.
مدة قبل وفاة اليوسفي زرته في بيته بمناسبة مذكراته الثلاثية فسألني بعد حديث مطول : “كيف اغتنوا؟ comment se sont ils enrichis”
نعم … هناك من اغتنى بمال الثورة بل طمع في تعويضات المصالحة و بعدها برع في هندسة تزوير و مسح الذاكرة، و هناك من اغتنى من داخل مؤسسات سياسية تشريعية و حكومية و ترابية، تاركين الوطن عرضة للدئاب.
أما الاحرار تكون دائما الشعوب حبلى بهم … و إلى حين فهو عنوان حزب إداري قابض على مالية الشعب و خيراته من خلال “نخب” خريجة معاهد المتاجرة و النهب.
الرحمة و المغفرة لقياديي الاختيار الثوري الفقيه البصري و عبد الرحمن اليوسفي، و المجد و الخلود لكل شهداء جيش التحرير و الحركة الإتحادية الأصيلة.