في عالم القتال، حيث لا مكان للضعفاء، وقف إسماعيل نوردييف، الشيشاني الأصل، على عتبة فصل جديد في مسيرته الرياضية الحافلة. كانت تلك اللحظة فارقة، ليس فقط لأنه عاد إلى الحلبة بعد غياب طويل، بل لأنه قرر أن يحمل راية المغرب في نزالاته العالمية. بطل فنون القتال المختلطة الذي نشأ في ظروف قاسية، وجد في المغرب وطنًا ثانيًا له، بعدما مُنح هو وشقيقه إسلام الجنسية المغربية، بموجب ظهيرين ملكيين نُشرا في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 نونبر 2024.
بعد سنوات من القتال في حلبات “UFC” وهو يحمل راية النمسا، عاد إسماعيل نوردييف في 26 أكتوبر 2024 ليكتب فصلًا جديدًا في تاريخه الرياضي. في أبوظبي، حيث التقت ساحة القتال بنجمها، انتصر إسماعيل على البرازيلي برونو سيلفا بالضربة القاضية بعد ثلاث جولات من السيطرة التامة على النزال، ليحسم الحكام المباراة لصالحه بقرار إجماعي (30-27).
كان الطريق طويلًا بالنسبة لهذا الشاب الذي لم يعرف سوى المعارك. في عام 2005، غادر مع عائلته جمهورية الشيشان هربًا من الحرب، ليستقر في مدينة سالزبورغ النمساوية. ومن هناك، انطلقت رحلته الرياضية، من المصارعة إلى فنون القتال المختلطة. وعندما انتقل إلى “UFC” في 2019، كانت بداية جديدة في عالم الاحتراف، حيث لفت الأنظار بسرعة، وصار يعرف بلقب “الفتى العجيب”. سجل حافل من 24 فوزًا مقابل 7 هزائم، منها 12 انتصارًا بالضربة القاضية، جعل منه أحد أبرز الأبطال في فئته.
لكن إسماعيل لم يكن مجرد بطل رياضي. كان جزءًا من شبكة علاقات مميزة، وأحد المقربين للإخوة أبوزعيتر، الذين تربطهم علاقة صداقة مع الملك محمد السادس. هذه الصداقات أسهمت في تعزيز مكانته في المغرب، وذلك بحُكم علاقته مع عائلة أبوزعيتر. تلك الروابط جعلت إسماعيل يشعر أكثر بأن المغرب هو وطنه الثاني، ومنحته الجنسية المغربية خطوة متوقعة، تفتح أمامه آفاقًا جديدة.
لم يتوقف إسماعيل عن الحديث عن حبه للمغرب، هذا البلد الذي منح له ولشقيقه إسلام فرصة جديدة، بعد أن جرت مراسيم خاصة منحتهما الجنسية المغربية، متجاوزةً بعض القيود التقليدية في قانون الجنسية. لكنه ظل ثابتًا على قولاته، بأن الانتصار في الحلبة لا يتوقف عند القوة الجسدية فقط، بل يأتي من الإصرار على تحقيق الأحلام، مهما كانت التحديات.
اليوم، يقف إسماعيل نوردييف على عتبة المجد، ممثلًا المغرب في أرفع المحافل الرياضية. واثقًا، عازمًا، ليواصل كتابة قصة نجم جديد في سماء فنون القتال المختلطة، ويثبت مجددًا أنه في عالم لا يعرف الرحمة، لا مكان إلا للأبطال الذين لا يستسلمون.