يعد مشروع أنبوب الغاز الذي يربط بين نيجيريا والمغرب أحد أكثر المشاريع الطاقية طموحا على الصعيد الإفريقي، إذ يمتد على مسافة 6500 كيلومتر بهدف ربط القارة الإفريقية بأوروبا عبر 13 دولة. هذا المشروع الذي أطلق في إطار رؤية استراتيجية مشتركة بين المغرب ونيجيريا، يتجه نحو تحقيق تقدم ملموس، حيث من المتوقع أن يتم الإعلان عن القرار الاستثماري النهائي خلال شهر ديسمبر المقبل، وفق ما أعلنه ميلي كياري، المدير العام لشركة النفط الوطنية النيجيرية. ويمثل هذا القرار محطة حاسمة للشروع في تنفيذ المشروع، الذي تقدر تكلفته بحوالي 26 مليار دولار، وهو ما يعكس أهمية المشروع في مواجهة تحديات أمن الطاقة والتنمية المستدامة.
في المغرب، تواصل الحكومة دعمها الكامل لهذا المشروع الاستراتيجي، حيث أشرفت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، إلى جانب المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات أمينة بنخضرة، على توقيع الوثائق القانونية المتعلقة بتمويل المرحلة الثانية من الدراسات الأولية التفصيلية للمشروع. وقد حصل المشروع على دعم مالي من صندوق أوبك بقيمة 14.3 مليون دولار، بالإضافة إلى مساهمات من البنك الإسلامي للتنمية. ويهدف هذا التمويل إلى إعداد الوثائق التقنية والمالية والقانونية اللازمة، مما يعزز جاهزية المشروع لدخول مرحلة التنفيذ.
يشكل هذا المشروع فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، إذ يعتمد على إشراك منظمات مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) والبنك الإسلامي للتنمية لضمان التنسيق الفعال بين الدول المعنية. ورغم التحديات الجيوسياسية والمالية التي تواجه المشروع، بما في ذلك الأوضاع الأمنية في بعض الدول التي يمر عبرها الأنبوب، فإن الجهود المشتركة بين المغرب ونيجيريا تسعى إلى تذليل هذه العقبات من خلال تعزيز الشراكات الدولية واستقطاب التمويلات اللازمة.
لا يقتصر هذا المشروع على نقل الغاز فقط، بل يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين إفريقيا وأوروبا، خاصة في ظل سعي الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادر الطاقة بسبب الأزمات الجيوسياسية الراهنة، مثل الحرب في أوكرانيا. ويعتبر المشروع أيضا محركا للتنمية المستدامة في القارة الإفريقية، حيث يوفر للدول المنتجة للغاز، مثل نيجيريا، منفذا جديدا لتصدير مواردها، مما يسهم في تحسين اقتصادات المنطقة.
يأتي هذا المشروع كجزء من رؤية شاملة لتعزيز أمن الطاقة في إفريقيا وأوروبا على حد سواء، مع التركيز على خلق فرص اقتصادية جديدة للدول الإفريقية المشاركة. إن أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب ليس مجرد بنية تحتية طاقية، بل هو مشروع استراتيجي يحمل آمالا كبيرة في تحقيق التكامل الإقليمي والاستقرار الاقتصادي، مع توفير حلول مستدامة لتحديات الطاقة والتنمية.