المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية ينفق 163.97 مليون على الإعلام.. والفلاحون بلا دعم!

تستمر الصفقات المثيرة للجدل داخل المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية، حيث أعلن يوم الجمعة 22 نونبر الجاري، عن تفويت صفقة بث وصلات إذاعية وتلفزيونية للتوجيه الفلاحي بقيمة 1,639,725.89 درهم، وهي الصفقة التي يُفترض أنها تستهدف تحسين تواصل المؤسسة مع الفلاحين، غير أنها تطرح تساؤلات جدية حول أولويات الإنفاق وجدوى تخصيص أموال عامة بهذا الحجم لحملات إعلامية، في وقت تعاني فيه شريحة واسعة من الفلاحين من غياب الدعم المباشر والتكوين الميداني.

ووفقًا لوثيقة حصل عليها موقع “هاشتاغ”، تقدم للمشاركة في الصفقة رقم 11/2024/ONCA كل من شركتي BUINCO وN7 COMMUNICATION GROUP. إلا أن اللجنة أعلنت عن إقصاء شركة BUINCO بمبرر عدم استيفاء ملفاتها للشروط الإدارية والتقنية، لتبقى شركة N7 COMMUNICATION GROUP وحيدة في المنافسة. وبعد فحص العرض المالي، تُبرز الوثيقة التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” أن العرض المالي لشركة N7 COMMUNICATION GROUP، البالغ 1,639,725.89 درهم، قُبل كقيمة نهائية للصفقة. هذا الأمر أثار انتقادات واسعة بسبب غياب التنوع في العروض المقدمة، حيث اعتبر البعض أن المسطرة قد تبدو وكأنها “إجراء شكلي” لتوجيه الصفقة إلى جهة محددة.

وفي هذا السياق، قال عبد الجبار العبودي، رئيس تعاونية فلاحية بجهة بني ملال-خنيفرة، في تصريح لموقع “هاشتاغ” إن “هذه الصفقة تُظهر أن المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية يعمل بعيدًا عن الواقع اليومي للفلاحين”. واعتبر أن “إنفاق مبلغ ‎163.97 مليون سنتيم على وصلات إعلامية في وقت يعاني فيه الفلاحون في العالم القروي من غياب التكوين والدعم التقني هو قرار يفتقر إلى الحكمة ويعكس سوء ترتيب الأولويات”.
وأضاف المتحدث قائلا: “بدل التركيز على مشاريع ميدانية تُعزز الإنتاجية أو تخفف من التكاليف المتزايدة التي يتحملها الفلاح، يتم اللجوء إلى حملات إعلامية لا يسمعها إلا القليل، وتكاد تكون بلا تأثير على أرض الواقع”. مؤكدا أن “القطاع بحاجة إلى استثمارات حقيقية تخدم الفلاح مباشرة، وليس إلى صفقات تخدم مؤسسات كبرى وتستهلك المال العام بلا جدوى”.

تصريحات المهنيين تعكس حالة من الإحباط المتزايد تجاه الطريقة التي تُدار بها موارد القطاع الفلاحي. وبينما يطالب الفلاحون بتدخلات عملية تُعزز إنتاجيتهم وتحسن ظروفهم المعيشية، يستمر المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية في توجيه ميزانيات ضخمة إلى مشاريع يعتبرها الكثيرون بعيدة عن احتياجاتهم الحقيقية.