هاشتاغ _ عبد القادر حبيب الله
في ظل حكومة عزيز أخنوش، يبدو أن قطاع التعليم قد أصبح آخر اهتمامات السلطة التنفيذية، بعد أن كان يُنظر إليه كرافعة للتنمية وأساس لمستقبل المغرب. ثلاث سنوات من التعثر كشفت عن غياب الإرادة السياسية الحقيقية للإصلاح، وتجاهل متعمد للأدوات القانونية والمؤسسية التي أُحدثت لضمان حكامة فعالة لتنزيل الإصلاحات، وعلى رأسها اللجنة الوطنية لتتبع تنزيل القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
اللجنة الوطنية، التي نص عليها القانون الإطار بشكل صريح، تُعد أداة رئيسية لضمان تنسيق السياسات القطاعية وتوجيهها، وكان يُفترض أن تنعقد مرتين على الأقل في السنة، حسب المرسوم الذي يُحدد اختصاصاتها وتنظيمها. ورغم ذلك، ظلت هذه اللجنة معطلة تمامًا منذ تشكيل حكومة أخنوش، في انتهاك واضح للمرسوم وللالتزامات القانونية للحكومة.
وفي المقابل، اختارت الحكومة خلق لجنة جديدة تحت اسم “اللجنة الوزارية لتتبع تنزيل خارطة الطريق للتربية الوطنية والتعليم الأولي 2022-2026″، والتي لا تمتلك أي سند قانوني أو دستوري، حيث أن رئيس الحكومة، الذي يملك صلاحية إحداث لجان موضوعاتية لتتبع السياسات العامة، استغل هذه الصلاحية لإحداث لجنة بديلة في خطوة تُظهر الالتفاف الواضح على المرسوم القانوني الذي يُلزم الحكومة بتفعيل اللجنة الوطنية، وذلك في خطوة تعكس استهتارًا صارخًا بالقانون، وتُظهر غياب رؤية واضحة لدى الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الكبرى التي انتظرها المغاربة لعقود.
والمفارقة المؤلمة أن اللجنة الوطنية، التي انعقدت أربع مرات خلال الولاية الحكومية السابقة، أصبحت في عهد هذه الحكومة مجرد نص مهمل، رغم أنها أداة حيوية لتنسيق الجهود بين مختلف القطاعات الوزارية المعنية بتنزيل الإصلاح، حيث أن غيابها عن المشهد يعني غياب الحكامة، وضعف الالتقائية، وإهدار الزمن الإصلاحي الذي يُعد عنصرًا أساسيًا في نجاح أي مشروع إصلاحي.
إن تعطيل اللجنة الوطنية، رغم إلزامية انعقادها بموجب المرسوم، يطرح تساؤلات جدية حول مدى جدية الحكومة في إصلاح قطاع التعليم، حيث أن هذا التعطيل لا يمكن فهمه إلا كتقاعس متعمد، خصوصًا أن رئيس الحكومة يمتلك كل الصلاحيات لإعادة تفعيلها بدلًا من اللجوء إلى حلول ترقيعية كاللجنة الوزارية المستحدثة.
والأخطر في هذا النهج هو أثره على مصداقية الإصلاح، إذ أن القانون الإطار، الذي جاء كإطار شامل لإصلاح المنظومة التعليمية، بات ضحية للارتجال الحكومي، حيث أن الزمن الإصلاحي يُهدر يوميًا بسبب غياب المتابعة والتنسيق، والمواطن المغربي يدفع ثمن هذا العبث الذي أصبح سمة بارزة في عمل الحكومة.
رئيس الحكومة، الذي يتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة عن هذا الوضع، اختار إدارة الملف بمنطق المراوغات السياسية بدلًا من القرارات الجريئة، إذ أن المغاربة كانوا ينتظرون حكامة حقيقية تضع التعليم في صدارة الأولويات الوطنية، لكنهم وجدوا حكومة تُفضل التهرب من التزاماتها القانونية، وتُراكم الفشل في إدارة أهم قضية تمس مستقبل البلاد.
إن استمرار هذه السياسة العبثية يعني أن حكومة أخنوش تُدير ظهرها لمستقبل المغرب. الفاعلون في قطاع التعليم اليوم يطالبون بإجابات واضحة: لماذا لم تُفعل اللجنة الوطنية؟ ولماذا يتم تجاوز المرسوم الذي يُلزم الحكومة بعقد اجتماعاتها؟ وكيف تبرر الحكومة إهدار ثلاث سنوات من الزمن الإصلاحي؟.
إن استمرار هذا النهج العبثي من طرف حكومة أخنوش يعكس استهتارًا صارخًا بمستقبل المغرب وأجياله القادمة، فالمغاربة يستحقون إصلاحًا حقيقيًا يُنفذ بمسؤولية واحترام للقوانين، لا وعودًا زائفة ولجانًا بلا شرعية. إذا كانت الحكومة عاجزة عن تفعيل الأدوات القانونية الأساسية وضمان حكامة حقيقية، فإن ذلك يعني فشلها الذريع في أداء مهامها الأساسية.