في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، تبرز فرص جديدة للشراكات الاستراتيجية بين الدول، ومن بينها العلاقة المتميزة بين المملكة المتحدة والمغرب.
ففي تقرير حديث نشرته مجلة بيزنس إنسايدر الأمريكية عبر فرعها الإفريقي، أُبرزت أهمية الاعتراف البريطاني بالسيادة المغربية على الصحراء باعتباره خطوة استراتيجية يمكن أن تحقق فوائد كبيرة للطرفين، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي.
وأشار التقرير إلى أن العلاقات الثنائية بين المغرب والمملكة المتحدة تمثل نموذجًا للتعاون المثمر الذي يتسم بالمرونة والتكامل. ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، باتت تبحث عن شركاء اقتصاديين جدد يعززون مصالحها الاستراتيجية، وهو ما يجعل المغرب شريكًا مثاليًا لما يتمتع به من استقرار سياسي، وموقع جغرافي استراتيجي، ورؤية تنموية واضحة. الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يمتد ليكون حافزًا لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. فمن شأن هذه الخطوة أن تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا.
وتوقف التقرير عند مشروع ميناء الداخلة الأطلسي الذي وصفه بأنه “مشروع استراتيجي يغير قواعد اللعبة”، حيث يسعى المغرب من خلاله إلى تعزيز دوره كمركز لوجستي وتجاري إقليمي. بالنسبة للمملكة المتحدة، يمثل هذا المشروع فرصة ذهبية للاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، الذي يُنظر إليه كحل مستدام لتحديات الطاقة في المستقبل. إلى جانب ذلك، يمكن للميناء أن يساهم في ربط الأسواق الإفريقية، خصوصًا دول الساحل وجنوب الصحراء، مع الأسواق العالمية، مما يعزز من مكانة المغرب كبوابة لإفريقيا ويخلق فرصًا جديدة للتعاون التجاري مع بريطانيا.
وأبرز التقرير أن التبادل التجاري بين المغرب والمملكة المتحدة شهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت قيمته 2.7 مليار جنيه إسترليني عام 2022. ومع الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، يمكن أن تتسارع وتيرة هذا النمو لتشمل قطاعات جديدة مثل الزراعة، والصناعة، والتكنولوجيا. في السياق ذاته، تمتلك المملكة المتحدة فرصة لتعزيز استثماراتها في مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة في المغرب، مما يدعم استقرار المنطقة ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وخلص التقرير إلى أن الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والمملكة المتحدة ليست مجرد علاقة اقتصادية، بل هي نموذج للتعاون الذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة. من خلال تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، يمكن للطرفين المساهمة في حل التحديات العالمية، مثل تغير المناخ وأمن الطاقة، وفي الوقت ذاته تحقيق المصالح المشتركة التي تضمن مستقبلًا أكثر ازدهارًا واستدامة.