هاشتاغ _ عبد القادر حبيب الله
ميناء طنجة، الذي يُفترض أن يكون واجهة حضارية تعكس صورة المغرب، يعيش حالة من الفوضى العارمة التي تُمارس فيها أبشع أشكال الاستغلال العلني. بمجرد خروج المواطنين أو السياح من بوابة الميناء، يجدون أنفسهم في مواجهة سائقي سيارات الأجرة الصغيرة الذين يفرضون تسعيرات خيالية تصل إلى 20 درهماً نهاراً و50 درهماً ليلاً لمسافات قصيرة، مثل الطريق إلى محطة القطار، دون أدنى التزام بتشغيل العدادات، كما ينص القانون على ذلك.
وما يزيد الوضع سوءاً هو التعامل الاستفزازي الذي يواجهه الركاب إذا طالبوا بتشغيل العداد أو الاعتراض على التسعيرة، حيث يكون الرد المعتاد: “سير للرومبوان خود الطاكسي من الشارع!”، وكأن الميناء خاضع لقوانين عشوائية يمليها السائقون أنفسهم.
لكن الطامة الكبرى تكمن في موقف بعض أفراد السلطات، الذين يتواجدون على مقربة من هذه الفوضى دون أن يحركوا ساكناً. بل الأسوأ من ذلك، أنهم غالباً ما يوجهون الركاب للتفاهم مع السائقين بعبارات مثل: “سير تفاهم مع الشيفور”، في إشارة واضحة إلى تواطؤ غير مباشر أو تقاعس عن أداء الواجب.
هذا الموقف السلبي من بعض أفراد السلطات يزيد من شعور الركاب بالعجز، ويعزز سيطرة السائقين على الوضع، حيث أن المواطن، الذي يُفترض أن يكون القانون حامياً له، يجد نفسه متروكاً ليتعامل مع استغلال واضح، دون أي تدخل فعّال من الجهات المسؤولة.
هذه الفوضى لا تقتصر على إلحاق الضرر بالمواطنين فقط، بل تتعدى ذلك لتضرب سمعة مدينة طنجة في الصميم. السائح، الذي يُفترض أن تكون تجربته في المدينة إيجابية ومليئة بالضيافة المغربية، يجد نفسه أمام مشهد من الاستغلال والفوضى، مما يجعله يغادر بانطباع سلبي قد يُضر بجهود البلاد في تعزيز السياحة كقطاع اقتصادي استراتيجي. هذه الممارسات العشوائية تُهدد طنجة، التي يُفترض أن تكون بوابة حضارية للمغرب، بأن تتحول إلى رمز للفوضى وسوء الإدارة.
لا يمكن لطنجة، بموقعها الاستراتيجي وتاريخها العريق، أن تستمر في هذا المسار. المطلوب اليوم هو تدخل عاجل من والي جهة طنجة تطوان الحسيمة والجهات المعنية بتنفيذ القانون، لحماية “عروس الشمال” ووضع حد لهذه الفوضى التي تُسيء للجميع. ينبغي تطبيق القانون بصرامة، وإلزام السائقين بتشغيل العدادات، ومعاقبة كل من يخرق هذه القواعد، مع تعزيز الرقابة في محيط الميناء.
كما أن إنشاء آليات شكاوى فعالة تُمكن المواطنين والسياح من استرجاع حقوقهم بسرعة وشفافية سيُعيد الثقة المفقودة. طنجة تستحق أن تكون واجهة مشرقة للمغرب، وليس عنواناً للاستغلال والفوضى.