إعفاء الراشدي وتفكيك هيئة محاربة الرشوة.. كواليس لعبة أخنوش الخطيرة!

هاشتاغ _ محسن النياري

كشف مصدر مأذون لموقع “هاشتاغ” عن تحركات يقودها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لإقالة محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وعي التحركات التي تأتي في ظل تصاعد التوتر بين الحكومة والهيئة، التي تعد إحدى المؤسسات الدستورية الرئيسية لمحاربة الفساد في المغرب.

ووفقًا لمصادر موقع “هاشتاغ”، يخطط عزيز أخنوش لاستنساخ سيناريو الإطاحة بإدريس الكراوي من رئاسة مجلس المنافسة، حيث تشير المعطيات التي حصل عليها الموقع إلى محاولات حثيثة لجمع توقيعات من أعضاء الهيئة الوطنية للنزاهة ضد الراشدي، تحت ذريعة “ضعف الأداء” و”عدم تحقيق النتائج المرجوة”.

وفي خطوة اعتُبرت محاولة لتقويض عمل الهيئة، قررت الحكومة تقليص ميزانيتها في مشروع قانون المالية لسنة 2025. تم تخفيض الاعتمادات المخصصة للهيئة من 269 مليون درهم إلى 210 ملايين درهم، بدعوى انتهاء مرحلة التأسيس وخفض المصاريف الإدارية، غير أن مراقبين رأوا في هذا القرار رسالة سياسية واضحة تهدف إلى الضغط على البشير الراشدي ودفعه إلى الاستقالة.

كما تأتي هذه التطورات في ظل خلافات علنية بين الهيئة والحكومة بشأن استراتيجية مكافحة الفساد، حيث انتقد الراشدي سابقًا غياب التفاعل الحكومي مع توصيات الهيئة، مشيرًا إلى أن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، التي يترأسها رئيس الحكومة، لم تعقد أي اجتماع منذ تولي عزيز أخنوش منصبه.

في المقابل، رد الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في إحدى الندوات الصحفية قائلاً: “لا نقبل المزايدة على الحكومة في ملف مكافحة الفساد. الحكومة تعمل بجدية على هذا الملف، ونتساءل: ماذا قدمت الهيئة الوطنية للنزاهة من حلول عملية إلى اليوم؟” تصريحات بايتاس سلطت الضوء على التوتر المتصاعد بين الطرفين، وأثارت تساؤلات حول مستقبل التعاون بين الحكومة والهيئة.

ويواجه محمد بشير الراشدي، المعروف باستقلاليته وصرامته، ضغوطًا متزايدة للبقاء في منصبه وسط محاولات للتأثير على عمل الهيئة، إذ أكد في تصريحاته الأخيرة، أن الهيئة لن تتراجع عن التزامها بمكافحة الفساد، معتبرًا أن التحديات التي تواجهها هي “جزء من مسار طويل لتكريس ثقافة النزاهة”.

وعند تعيينه رئيسًا للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في 13 دجنبر 2018، بالقصر الملكي بالرباط، من طرف الملك محمد السادس، أوضح عاهل البلاد التوجيهات الملكية الواضحة المتعلقة بمسؤوليات الراشدي، حيث أكد على أهمية تفعيل المهام الدستورية للهيئة، بما يشمل المبادرة والتنسيق والإشراف على سياسات محاربة الفساد، ضمان تتبعها، والمساهمة في تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة. كما شدد الملك على أهمية التنسيق مع المؤسسات الوطنية والتعبئة الجماعية لمحاربة هذه الظاهرة، مع إعمال الوسائل القانونية والقضائية لمحاسبة المتورطين.

ومع ذلك، يبدو أن عزيز أخنوش يسعى للالتفاف على هذه الآلية من خلال تحريك الأعضاء داخل الهيئة لجمع توقيعات تُدين أداء الراشدي، مما يضع الهيئة ومستقبل مكافحة الفساد في البلاد أمام مفترق طرق حاسم.

وتُبرز هذه الأزمة أن ملف مكافحة الفساد في المغرب لا يقتصر على الجوانب الإدارية، بل يعكس صراعًا سياسيًا بامتياز، حيث أن نجاح أو فشل هذه التحركات سيحدد مستقبل الهيئة الوطنية للنزاهة ودورها في تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة، في وقت تتزايد فيه مطالب الشارع المغربي والقوى الحية بإصلاحات حقيقية وشاملة.