31 عرضاً مالياً متطابقاً وصفقة مثيرة تذهب لشركة واحدة.. كيف تُدار الصفقات في وزارة السكوري؟

هاشتاغ _ محسن النياري

أشّر وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، على صفقة بقيمة 4,910,891.04 درهم، أي ما يعادل 491.08 مليون سنتيم، لتوفير خدمات الحراسة ومراقبة المباني الإدارية التابعة للوزارة، في صفقة أثارت جدلاً واسعاً بسبب تطابق العروض المالية المقدمة من جميع المتنافسين المقبولين تقريباً.

ورغم هذا التطابق الغريب، أعلنت الوزارة اختيار شركة “MERAMIRI” كفائزة بهذه الصفقة، ما يضيف مزيداً من التساؤلات حول معايير الاختيار وشفافية العملية.

وفقاً للوثيقة التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ”، جرت جلسة فتح الأظرفة يوم 12 نونبر 2024 بمقر مديرية الموارد البشرية والميزانية والشؤون العامة بالرباط، حيث شارك في المنافسة 32 متنافساً، قُبلت ملفات 31 منهم دون تحفظ، باستثناء تحفظ إداري على شركة واحدة وإقصاء متنافس آخر، غير أن المثير للجدل أن جميع العروض المالية المقدمة من الشركات الـ31 المقبولة جاءت متطابقة عند قيمة 4,910,891.04 درهم شاملة الضرائب، وهو تطابق غير مسبوق يثير أسئلة جوهرية حول مصداقية المنافسة.

إعلان اختيار شركة MERAMIRI كفائزة في هذه الصفقة يزيد من حدة النقاش، حيث أنه في ظل التطابق الكامل للعروض المالية، يبدو أن معيار السعر – الذي يُعتبر عادةً عاملاً حاسماً – قد فقد قيمته كأداة لتحديد الفائز.

محضر اللجنة الذي يتوفر عليه موقع “هاشتاغ” لا يشرح بالتفصيل كيف تم ترجيح كفة شركة “MERAMIRI” على بقية المتنافسين، رغم أن العروض المالية كانت متطابقة، مما يفتح الباب أمام تكهنات حول تأثيرات أخرى ربما لعبت دوراً في عملية الاختيار.

فتطابق العروض المالية بهذا الشكل يثير عدة احتمالات. من بينها احتمال وجود تنسيق غير معلن بين الشركات لتقديم عرض موحد، أو ربما أن دفتر التحملات صيغ بطريقة جعلت جميع الشركات تصل إلى نفس التقدير المالي دون اختلاف. وفي كلا الحالتين، يعكس الأمر مشكلة أعمق في تصميم وتنفيذ طلبات العروض العمومية.

فمعيار الاختيار الذي أشار إلى تقديم “العرض الاقتصادي الأكثر فائدة” يصبح غير ذي جدوى في هذه الحالة، حيث لم تقدم شركة “MERAMIRI” أي تفوق مالي واضح مقارنةً بالمتنافسين الآخرين، حيث أنه إذا كان الحسم قد تم بناءً على معايير تقنية أو إدارية، فإن غياب التفاصيل الدقيقة عن هذه المعايير يعزز من حالة الغموض المحيطة بالقرار.

هذا الوضع يعكس تحديات أعمق تواجه نظام الصفقات العمومية، حيث يبدو أن الآليات الحالية ليست كافية لضمان تنوع العروض وشفافية العملية. إذا كان الغرض من الصفقات العمومية تحقيق أقصى استفادة من المال العام، فإن مثل هذه الحالات – حيث تتطابق العروض المالية ويتم اختيار فائز بدون تبرير واضح – تقوض ثقة المواطنين في هذه المنظومة.

صفقة الحراسة هذه تسلط الضوء على ضرورة مراجعة شاملة لآليات إدارة وتقييم الصفقات العمومية، إذ أن غياب التنوع في العروض وعدم وضوح المعايير التي أدت إلى اختيار الفائز يدعو إلى التساؤل عما إذا كانت المنافسة في هذه الحالة قد تمت بشكل عادل وشفاف، إذ أنه في ظل هذه الظروف، يبدو أن الوزارة مطالبة بتقديم توضيحات شاملة لتعزيز الشفافية والثقة في طريقة تدبير المال العام.