المغرب والصين.. تفاصيل شراكة استراتيجية تعيد رسم خرائط النفوذ العالمي

هاشتاغ _ الرباط

سلطت صحيفة “نيوزويك” الأمريكية الضوء على الزيارة السريعة التي قام بها الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى المغرب في نونبر الماضي، والتي اعتُبرت بمثابة خطوة استراتيجية تعكس الأهمية البالغة التي توليها الصين لتعزيز شراكاتها مع المملكة المغربية. زيارة شي، التي جاءت خلال عودته من جولة في أمريكا اللاتينية، لم تكن عشوائية أو عرضية، بل تعكس وعياً عميقاً لدى بكين بالدور الاستراتيجي الذي يلعبه المغرب كبوابة حيوية تربط بين القارات الكبرى: أوروبا، أمريكا الشمالية، وإفريقيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصين تنظر إلى المغرب ليس فقط كشريك تجاري، بل كفرصة استراتيجية لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي في الأسواق العالمية، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها. ويُبرز هذا التوجه موقع المغرب الاستراتيجي وأهميته الجيوسياسية، خاصة بوجود مشاريع كبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي واتفاقيات تجارية واسعة النطاق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الإفريقية، مما يجعل منه نقطة ارتكاز محورية في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

الاستثمارات الصينية في المغرب، التي تجاوزت قيمتها 4 مليارات دولار، تمثل جزءاً من رؤية طويلة الأمد لتعزيز التعاون بين البلدين. ومن بين أبرز المشاريع المستقبلية، مصنع بطاريات المركبات الكهربائية الذي تعتزم شركة “Gotion High-tech” بناءه بقيمة 1.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج فيه بحلول عام 2026. هذا المشروع يعكس التزام الصين باستغلال الامتيازات التجارية المغربية لتجاوز الحواجز الجمركية الغربية، مما يعزز مكانة المغرب كجسر يربط الأسواق العالمية بالصناعات الصينية.

التقرير أشار كذلك إلى أن المغرب يُعتبر عنصراً حيوياً في رؤية الصين لتعزيز نفوذها في المنطقة، خاصة بفضل موقعه المتميز عند مضيق جبل طارق وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وهو أحد أهم الممرات البحرية في العالم. كما لفت إلى أن الصين ترى في المغرب نموذجاً مشابهاً لدور هونغ كونغ كمعبر للوصول إلى أسواق عالمية محدودة بسبب القيود والعقوبات.

واعتبرت “نيوزويك” أن مستقبل العلاقات بين المغرب والصين يعتمد على مدى قدرتهما على تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية المشتركة والتحديات الجيوسياسية، مؤكدة أن زيارة شي جينبينغ الأخيرة قد تشكل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين البلدين.