من إفريقيا إلى آسيا.. كيف يصنع المغرب والهند مستقبلاً جديدًا للاقتصاد العالمي؟

هاشتاغ _ الرباط

تشهد العلاقات بين المغرب والهند تطورًا لافتًا يعكس رؤية استراتيجية مشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.

وتؤكد دراسة نشرتها مجلة “India Briefing” الهندية أن هذه العلاقة القائمة على المصالح المتبادلة تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون بين الدول النامية، حيث يسعى الطرفان إلى استغلال موقعهما الجغرافي وقدراتهما الاقتصادية لتحقيق مكاسب مشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ويمثل المغرب، بفضل موقعه الجغرافي كبوابة لأفريقيا وأوروبا، نقطة دخول استراتيجية للهند التي تطمح إلى توسيع نفوذها في هذه المناطق الحيوية، حيث التعاون بين البلدين في مجموعة من المجالات الحيوية، أبرزها الدفاع والأمن، إذ يشارك الجانبان في تدريبات عسكرية مشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ما يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التحديات المشتركة مثل مكافحة الإرهاب وضمان الأمن البحري.

كما تمتد الشراكة لتشمل الأمن الغذائي والصحي، إذ يلعب المغرب دورًا محوريًا في دعم القطاع الزراعي الهندي من خلال صادراته من الفوسفات وحمض الفوسفوريك التي تساهم في ضمان الأمن الغذائي لسكان الهند المتزايدين، إذ يتجلى هذا التعاون من خلال الحضور البارز للمكتب الشريف للفوسفات في السوق الهندية عبر مشاريع مشتركة ناجحة.

وهكذا، يبرز مجال الطاقة المتجددة،التزام المغرب والهند بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يسعى المغرب ليصبح رائدًا في مجال الطاقة الخضراء في أفريقيا، بينما تعمل الهند على تعزيز مكانتها العالمية في هذا المجال، باعتبار أن هذا التعاون بين البلدين يعكس توافقًا بيئيًا واستراتيجيًا يخدم أهداف الاستدامة ويعزز الشراكة في هذا القطاع الحيوي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، شهدت العلاقات التجارية نموًا ملحوظًا، حيث ارتفع حجم التبادلات التجارية بين البلدين من 2.007 مليار دولار في 2018-2019 إلى 3.597 مليار دولار في 2022-2023.

ويعزى هذا النمو إلى زيادة واردات الهند من الفوسفات والمواد الخام المغربية، مقابل صادراتها من المنسوجات والأدوية والمركبات والآلات. كما تم تأسيس مشاريع مشتركة في مجالات الزراعة والسياحة والطاقة المتجددة، مما يعزز الروابط الاقتصادية بين الجانبين ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار.

وباتت الشركات الهندية حاضرة بقوة في السوق المغربية، حيث تنشط حوالي 200 شركة هندية في قطاعات متعددة، منها الصناعات الدوائية والكيميائية، وصناعة السيارات، والتكنولوجيا، والأوفشورينغ.

وتشمل أبرز هذه الشركات IMACID، التي تمثل مشروعًا مشتركًا بين المكتب الشريف للفوسفات ومجموعتي بيرلا وتاتا الهنديتين، بالإضافة إلى شركات كبرى مثل Sun Pharma وCIPLA وTata Motors. ويعكس هذا الحضور رغبة الشركات الهندية في الاستفادة من موقع المغرب الاستراتيجي لتعزيز استثماراتها في المنطقة.

وشهدت العلاقات المؤسسية بين البلدين تطورًا مماثلًا، حيث تم توقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي في عام 2019 لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمارات المشتركة. كما تم تشكيل فرق عمل مشتركة في مجالات مكافحة الإرهاب، والصحة، والطاقات المتجددة، والموارد المائية، والتعدين، لتعزيز التعاون الثنائي وتوسيع نطاق الشراكة.

ومثلت زيارة الملك محمد السادس للهند في عام 2015 نقطة تحول في هذه العلاقة، حيث أسفرت عن تعزيز التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية.

ومن المتوقع أن يواصل البلدان تعزيز علاقاتهما الاقتصادية والسياسية بما يتماشى مع أهدافهما التنموية المشتركة، مما يساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون جنوب-جنوب، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات المشتركة التي تواجهها الدول النامية.