هاشتاغ _ الرباط
تحتضن مدينة بوزنيقة، مرة أخرى، اجتماعاً تشاورياً حاسماً بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبي، في إطار الجهود المستمرة لإعادة الاستقرار إلى ليبيا وتحقيق توافق وطني يضع حداً للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات، حيث أن هذا اللقاء، الذي انطلق يوم 18 دجنبر ويستمر إلى يوم غد، يعكس الإرادة المشتركة للأطراف الليبية في تجاوز الخلافات والتأسيس لمرحلة جديدة تعزز من فرص بناء مؤسسات الدولة على أسس متينة من الشفافية والتوافق.
ويأتي هذا الاجتماع في سياق سلسلة من اللقاءات التي استضافها المغرب، والتي أثبتت قدرتها على تقريب وجهات النظر وفتح آفاق جديدة للحوار بين الفرقاء الليبيين، حيث يحمل هذا الاجتماع يحمل طابعاً عملياً يسعى إلى إرساء خارطة طريق واضحة للمرحلة التمهيدية، عبر تشكيل لجان متخصصة تعمل على معالجة الملفات الشائكة التي تقف عائقاً أمام تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في ليبيا.
ووفقا لما أورده مصدر مسؤول، يسعى مشروع الاتفاق إلى إعادة تشكيل السلطة التنفيذية استناداً إلى المادة الرابعة من الاتفاق السياسي الليبي المعتمد بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2050 لسنة 2015. وسيتم ذلك وفقاً للصلاحيات المحددة لكل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بما يضمن التوازن بين الطرفين في اتخاذ القرارات المصيرية.
وتتناول المناقشات الحالية بين الأطراف الليبية إنشاء لجنة عمل مشتركة تُكلّف بإعادة تكليف سلطة تنفيذية جديدة. وستكون هذه السلطة مسؤولة عن التواصل مع البعثة الأممية للأمم المتحدة وكذلك مع مختلف الأطراف المحلية والدولية، بهدف تنفيذ أحكام المادة الأولى من الاتفاق. وستعمل اللجنة أيضاً على مراجعة الآلية المقترحة في لقاء القاهرة بين المجلسين، مع إمكانية تقديم تعديلات لتحسين التوافق بين الأطراف.
وستُكلّف اللجنة بتقديم مقترحات تضمن عمل الحكومة وفق معايير تدعم الشفافية وتعزز مسار اللامركزية، مع التركيز على تحقيق تقدم فعلي نحو إجراء الانتخابات. كما ستتولى اللجنة التنسيق المباشر مع رئاستي المجلسين لضمان التشاور المستمر والتنسيق الفعّال.
وفي سياق متصل، يجري العمل على اقتراح إنشاء لجنة معنية بالحكم المحلي. وستتولى هذه اللجنة وضع معايير شفافة لتوزيع عادل للبرامج وميزانيات التنمية، بما يضمن تحقيق التوازن بين المشاريع المركزية الكبرى والمشاريع المحلية الصغيرة. كما ستركز اللجنة على تعزيز كفاءة الهياكل المحلية في تنفيذ مخصصات التنمية، مع تقديم توصيات لمحاربة الفساد ودعم اللامركزية.
أما فيما يتعلق بالملف الأمني، فإن الاجتماع يهدف إلى تشكيل لجنة عمل مشتركة للتواصل مع لجنة (5+5)، بهدف الاطلاع على سير عملها ورصد التحديات التي تعيق تنفيذ مهامها. وستقدم اللجنة خطة عمل لدعم لجنة (5+5) من خلال إضافة لجان فرعية وتحديد إجراءات عملية لتنفيذ الاتفاقات السابقة. وستعمل اللجنة على وضع خطة لإعادة سيطرة الدولة على الحدود والموانئ والمعابر، بالإضافة إلى مناقشة ما تم إنجازه بشأن إخراج القوات الأجنبية.
وفي ما يخص المناصب السيادية، تسعى الأطراف إلى تشكيل لجنة عمل مشتركة تُعنى بوضع معايير دقيقة للترشح لهذه المناصب. كما ستتولى اللجنة وضع آلية مشتركة لتقديم طلبات الترشح بما يضمن تحقيق التوافق المنصوص عليه في الاتفاق السياسي.
من جهة أخرى، سيتم تشكيل لجنة مختصة بمتابعة ملف الأموال المهربة وغسيل الأموال. وستقوم هذه اللجنة بتقديم مقترحات تشريعية ومتابعة تنفيذها على أرض الواقع. كما ستتكلف رئاسة مجلس النواب بالتواصل مع مصرف ليبيا المركزي لضمان تخصيص الموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشروع التعداد الوطني العام ومشروع تنظيم الرقم الوطني.
من المتوقع أن تُقدّم اللجان المشكلة تقاريرها النهائية لاعتمادها من قبل المجلسين خلال مدة شهر من تاريخ التكليف. وقد تم اقتراح عقد الاجتماع المقبل في مدينة درنة بتاريخ 19 يناير 2025، بهدف إصدار الاتفاق النهائي للمرحلة التمهيدية والإعلان عن بدء تنفيذ نتائج عمل اللجان التي تم تكليفها خلال لقاء بوزنيقة.