هاشتاغ _ الرباط
في خطوة دبلوماسية لافتة، نجح الملك محمد السادس في تحقيق إنجاز إنساني ودبلوماسي جديد تمثل في الإفراج عن أربعة مواطنين فرنسيين كانوا محتجزين في واغادوغو منذ ديسمبر 2023. هذه الوساطة، التي تُبرز حكمة المغرب وفاعليته في إدارة القضايا الدولية المعقدة، جاءت في توقيت رمزي عشية العام الجديد، ما جعلها بمثابة هدية للفرنسيين ولعائلات المحتجزين.
وكانت السلطات البوركينابية قد اعتقلت المواطنين الفرنسيين الأربعة في الأول من ديسمبر 2023، متهمة إياهم بـ”التجسس”. وفي تصريح نُقل عن مسؤول بوركينابي لصحيفة “جون أفريك”، أُشير إلى أن السلطات المحلية تشتبه في كون هؤلاء الفرنسيين “عملاء لجهاز DGSE [الاستخبارات الخارجية الفرنسية]”، مضيفًا أنهم كانوا يخضعون للتحقيق للتأكد من طبيعة عملهم الحقيقية في البلاد.
على الجانب الآخر، نفت الحكومة الفرنسية هذه الاتهامات بشكل قاطع، مؤكدة أن المعتقلين الأربعة كانوا يعملون كفنيين صيانة لأنظمة الحاسوب لصالح السفارة الفرنسية في واغادوغو. ووفقًا لمصادر دبلوماسية فرنسية، فإن المواطنين الفرنسيين يحملون جوازات سفر دبلوماسية وتأشيرات قانونية، وكانوا في بوركينا فاسو في إطار مهمة تقنية معلنة. وأكدت المصادر ذاتها أنه في 14 ديسمبر، تم نقل المعتقلين إلى السجن المركزي في واغادوغو، بعد إحالتهم إلى التحقيق الرسمي.
وسط هذه الأجواء المشحونة، جاءت الوساطة المغربية بقيادة الملك محمد السادس لتثبت مرة أخرى الدور الريادي الذي يلعبه المغرب في حل النزاعات الدولية. هذه الوساطة استندت إلى العلاقات الوثيقة التي تجمع المغرب ببوركينا فاسو، حيث يُعرف الملك بعلاقته الوطيدة مع الرئيس البوركينابي إبراهيم تراوري، والتي مكنت من تجاوز العقبات السياسية والأمنية التي أحاطت بهذه القضية.
ولم يمر هذا الإنجاز دون اعتراف فرنسي، حيث أفاد قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدث هاتفياً مع الملك محمد السادس يوم الأربعاء ليعبر عن شكره وامتنانه لنجاح الوساطة المغربية التي مكنت من إطلاق سراح الرهائن الفرنسيين. ووفقًا لوكالة “فرانس برس”، أشاد ماكرون بالدور المحوري الذي لعبه الملك في إنهاء هذه الأزمة، مؤكدًا أهمية هذا الإنجاز الإنساني الذي عكس حكمة القيادة المغربية.
هذا النجاح المغربي ليس مجرد إنجاز دبلوماسي بل هو تعبير عن رؤية المملكة التي تقوم على تحويل السياسة الخارجية إلى أداة لتعزيز القيم الإنسانية وحل الأزمات بطرق سلمية. إن الإفراج عن الرهائن الفرنسيين يُظهر بوضوح مدى فعالية الدبلوماسية المغربية القائمة على الحياد الإيجابي والاحترام المتبادل.
عشية العام الجديد، شكّلت هذه المبادرة المغربية رسالة أمل وفرحة لفرنسا ولعائلات الرهائن، وأبرزت مرة أخرى قدرة المغرب على تقديم حلول خلاقة حتى في أصعب الأزمات. هذا الإنجاز يعزز مكانة المغرب كفاعل رئيسي على الساحة الدولية، ويُبرز رؤيته المتقدمة التي تجعل من التعاون الإيجابي وسيلة لتحقيق السلام والاستقرار.
بهذا الإنجاز، يُبرهن المغرب بقيادة الملك محمد السادس على أن الدبلوماسية ليست مجرد وسيلة لتحقيق المصالح الوطنية، بل يمكن أن تكون أداة لتعزيز التضامن الإنساني وإيجاد حلول مستدامة للأزمات الدولية. الوساطة المغربية هي رسالة أمل جديدة من المملكة للعالم، تؤكد أن التعاون والحكمة يمكن أن يُحدثا تغييرًا حقيقيًا حتى في أكثر الأوقات تعقيدًا.