إسبانيا تُعيد رسم ملامح العمالة المغربية بمفاجآت غير متوقعة

هاشتاغ _ الرباط

أعلنت الحكومة الإسبانية عن تغييرات جوهرية في شروط التعاقد مع العمال الأجانب، وذلك ضمن إطار رؤية استراتيجية تسعى إلى تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية، وعلى رأسها المغرب. هذه الخطوة تأتي في ظل اهتمام متزايد من الجانب الإسباني بتطوير أنماط استقدام العمالة الموسمية، مع إدخال إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين شروط التوظيف وتقديم ضمانات أكبر للعمال الأجانب.

ومع ذلك، فإن هذه التغييرات تثير تساؤلات عميقة حول تأثيرها الفعلي على ظروف العمال المغاربة، الذين يمثلون شريحة كبيرة من المستفيدين من هذه البرامج.

وتتجاوز التعديلات الجديدة الطابع التقليدي للعقود الموسمية، إذ تنص على تحويل العقود إلى صيغ مؤقتة مرتبطة بفترات العمل الفعلية، عوضاً عن أن تكون محددة بالتقويم السنوي، حيث يُمكن لهذا التحول أن يفتح آفاقاً جديدة نحو العمل الدائم في قطاعات بعينها، لكنه في المقابل يضع العمال أمام تحديات كبيرة، خصوصاً مع غياب الوضوح في تحديد مستقبلهم المهني، باعتبار أن الانتقال من عقود موسمية ذات طابع ثابت إلى عقود مؤقتة قد يُثير حالة من القلق، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعتمدون بشكل رئيسي على هذه الفرص لتحقيق استقرار معيشي لهم ولأسرهم.

ولم تكتفِ الحكومة الإسبانية بهذا التغيير فقط، بل أعلنت عن تدابير إضافية تتعلق بتوفير ضمانات وظيفية جديدة، تشمل تجديد العقود بشكل دوري مع نفس الشركات المشغلة، فضلاً عن تحسين ظروف الإقامة وتقديم بيئة عمل لائقة.

ورغم أن هذه الإجراءات تُظهر التزاماً نظرياً بتحسين أوضاع العمال، إلا أن تنفيذها على أرض الواقع سيظل مرهوناً بمدى التزام الشركات والمشغلين الإسبان بهذه المعايير.

وفي هذا السياق، يأتي برنامج “WAFIRA” كأحد أبرز المبادرات التي تسعى الحكومة الإسبانية لتعزيزها. يهدف هذا البرنامج إلى تدريب النساء المغربيات على العمل الموسمي، مع التركيز على تمكينهن من تطوير مهاراتهن المهنية وتشجيعهن على استثمار ما اكتسبنه في إقامة مشاريع خاصة عند عودتهن إلى المغرب.

ورغم ما حققه هذا البرنامج من نجاح في السنوات الماضية، يبقى السؤال مطروحاً حول قدرته على إحداث تأثير عميق ومستدام، خاصة في ظل استمرار ظاهرة الهجرة غير النظامية التي تؤرق المجتمع المغربي، وتُسلط الضوء على الحاجة إلى حلول جذرية توازن بين تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية وحماية حقوق العمال المهاجرين.

وجاءت التعديلات التي أقرتها الحكومة الإسبانية ضمن المرسوم الوزاري رقم 1/2024 الصادر عن وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية، والذي نُشر في الجريدة الرسمية الإسبانية في 30 ديسمبر الجاري.

ويهدف هذا المرسوم إلى تنظيم عملية استقدام العمال الأجانب ضمن إطار برنامج “Gecco” الخاص بالتوظيف من الخارج والهجرة الدائرية، على أن تدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ في يناير 2025.

ومع دخول هذه الإصلاحات مرحلة التنفيذ، يبقى التحدي الأكبر في ضمان أن تُترجم هذه التعديلات إلى تحسين حقيقي وملموس لظروف العمل، بعيداً عن أي استغلال أو تمييز.

وفي ظل وعود بتوفير فرص عمل لآلاف العمال المغاربة، يُنتظر من السلطات المغربية متابعة دقيقة لهذه المستجدات لضمان حماية حقوق مواطنيها العاملين في الخارج، وضمان استفادتهم الكاملة من هذه الفرص بما يحقق العدالة ويُعزز التعاون المشترك بين البلدين.