“تقرير العدوي” يكشف إخفاقات الوزيرة بنعلي في قطاع الطاقة وفشلها في تنفيذ التوجيهات الملكية

هاشتاغ _ الرباط

في تقرير صادم أمام مجلسي البرلمان، كشف المجلس الأعلى للحسابات عن معطيات تسلط الضوء على الإخفاقات البارزة في تدبير قطاع الطاقة، مما يضع وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي في دائرة الفشل في تنفيذ التوجيهات الملكية.

ويشير التقرير، الذي يبرز جوانب القصور في الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009-2030، إلى الحاجة الملحة لإصلاح شامل في التخطيط وإدارة القطاع. كما أكد أن الجهود الحالية لا تزال بعيدة عن تحقيق الأهداف المسطرة، سواء على مستوى النجاعة الطاقية أو تأمين الإمدادات وتنويع مصادر الطاقة.

وأبرزت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، اليوم الأربعاء أمام مجلسي البرلمان، الحاجة إلى إرساء رؤية شمولية في مجال التخطيط في قطاع الطاقة.

وذكرت زنيب العدوي، خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين خصصت لتقديم عرض عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم الفترة 2023-2024، أن الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009-2030 تضمنت مجموعة من المكونات الهامة كقطاعات الكهرباء والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والوقود والمحروقات والطاقة النووية والتنقيب عن الهيدروكربونات والصخور الزيتية والطاقة الحيوية.

وأشار التقرير إلى أنه تم تحقيق إنجازات مهمة عززت مكانة المغرب في مجال الانتقال الطاقي، حيث يحتل الرتبة الرابعة إفريقيا والثالثة عربيا من حيث القدرة المثبتة لإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة.

غير أن التقرير سجل في المقابل أن بعض الجوانب في هذه الاستراتيجية لا تزال في حاجة إلى تحسين، وترتبط أساساً بحكامة القطاع الطاقي ومدى تحقيق الأهداف المحددة لمختلف مكونات هذه الاستراتيجية.

وأشار إلى أن التخطيط الطاقي ركز بشكل أساسي على قطاع الكهرباء، حيث تمت بلورة مخططات التجهيز المرتبطة بتوليد ونقل الطاقة الكهربائية، في حين لا تشمل هذه العملية جوانب أخرى مهمة كتأمين الإمدادات والنجاعة الطاقية وتنويع مصادر الطاقة، مما يبرز الحاجة إلى إرساء رؤية شمولية في مجال التخطيط في هذا القطاع.

كما أن اللجوء إلى آلية التعاقد بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية لقطاع الطاقة ظل محدوداً، وذلك رغم القيام بعدة مبادرات في هذا الاتجاه. وأشار التقرير إلى أنه منذ سنة 2008، أي قبيل إطلاق الاستراتيجية، تم إبرام عقدي برامج فقط مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، غطى الأول الفترة 2008-2011، وشمل الثاني الفترة 2014-2017.

وفي ما يتعلق بالإنجازات على مستوى مختلف مكونات الاستراتيجية، أفادت المعطيات المتضمنة في التقرير أن حصة الطاقات المتجددة في القدرة المثبتة انتقلت من 32 في المائة سنة 2009 إلى 40 في المائة نهاية سنة 2023، وبلغت نسبة 44,3 في المائة في غشت 2024.

وقصد بلوغ حصة 52 في المائة كهدف في أفق 2030، أشار التقرير إلى ضرورة تسريع وتيرة إنجاز عدد من المشاريع المتعلقة بإنتاج هذه الطاقات، موضحاً أنه لم يتم بعد الترخيص لعدد من المشاريع التي تقدم بها القطاع الخاص في إطار القانون رقم 13.09، وذلك نظراً لنقص القدرة الاستيعابية لشبكة نقل الكهرباء.

وأكد التقرير في هذا السياق أن بلورة استراتيجية وطنية للنجاعة الطاقية والمصادقة عليها وأجرأتها أضحى ضرورة ملحة، وكذا وضع إطار تحفيزي بهدف تشجيع تدابير النجاعة الطاقية.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن الاستراتيجية الطاقية الوطنية جعلت من النجاعة الطاقية أولوية وطنية، فإنه لم يتم اعتماد أي استراتيجية تخص هذا المجال، حيث اتسمت التدابير التي تم تنفيذها بعدم فعاليتها ومحدوديتها. وهكذا لم تتجاوز نسبة اقتصاد الطاقة 5,8 في المائة، وهي نسبة تظل بعيدة عن الهدف المتوخى المتمثل في 20 في المائة في أفق سنة 2030.

وقد ساهم في ذلك أيضاً ضعف الموارد المالية وتأخر إصدار عدد من النصوص التطبيقية المتعلقة بالقانون رقم 47.09 المتعلق بالنجاعة الطاقية، إضافة إلى عدم وجود إطار تحفيزي قادر على إرساء ثقافة النجاعة الطاقية لدى القطاعات المعنية.

وعلاقة بقطاع المحروقات، أوضح التقرير أن القطاع يعرف وضعية تستدعي وضع آليات لتدبير ومراقبة مخزونه الاحتياطي بهدف التخفيف من أثر تقلبات الأسعار في السوق الدولية وانعكاساتها على الأسعار في السوق الوطنية.

وأشار إلى أنه منذ اعتماد الاستراتيجية سنة 2009، ظلت المخزونات الاحتياطية لمختلف المنتجات البترولية دون المستوى المحدد في 60 يوماً، مشيراً إلى أنه خلال سنة 2023، لم تتعد مخزونات كل من الغازوال والبنزين وغاز البوتان على التوالي 32 و37 و31 يوماً. كما أن تنويع نقاط دخول المنتجات البترولية المستوردة بقي محدوداً، حيث أضيفت نقطة دخول فريدة بميناء طنجة-المتوسط منذ إطلاق الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009-2030.

وفي ما يخص قطاع الغاز الطبيعي، سجل التقرير أنه لم يتم استكمال المبادرات المتخذة لتطويره منذ سنة 2011، مما يؤثر على الجهود الرامية إلى التخلي التدريجي عن الفحم في إنتاج الكهرباء.

وخلص التقرير إلى أن هذه الوضعية تستدعي بلورة هذه المبادرات من خلال استراتيجية رسمية وفي إطار قانوني مناسب للقطاع، وذلك بتنسيق مع الأطراف المعنية، قصد تطوير سوق للغاز الطبيعي محفز وجاذب للاستثمارات.