كشف اتحاد العائلات العلمانية في منطقة موسيل الفرنسية عن تبرع العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بمبلغ مليون يورو في عام 2023 لدعم بناء المسجد الكبير في مدينة ميتز، الذي يُتوقع الانتهاء من تشييده بحلول نهاية 2025.
وأثار هذا التبرع جدلًا واسعًا حول طبيعة التمويل وتأثيراته، وفق ما نقلته صحيفة فرانس بلو المحلية.
وعبّر رئيس الاتحاد، ماثيو جاتيبون باتشيت، عن مخاوفه من التأثير المغربي على المشروع، مشيرًا إلى أن المسجد يُقدَّم على أنه نموذج للاستقلالية، في حين أن جزءًا كبيرًا من تمويله يأتي من المغرب.
وأضاف أن هذا التبرع يشكل مساهمة أساسية في دفع المشروع إلى الأمام، مما يثير القلق حول مدى استقلاليته. كما أبدى الاتحاد تحفظاته بشأن غياب الشفافية في تخصيص الأموال العامة، مؤكدًا أن العديد من أعضاء مجلس المدينة لم يكونوا على علم بهذا التبرع وقت التصويت على المشروع.
وأكد جيريمي روكيس، أحد المسؤولين المحليين الذين عارضوا المشروع، أنه لا يرفض دعم الأديان من الخارج، لكنه يرى ضرورة ضمان استقلالية الجمعية المسؤولة عن المسجد ماليًا، مشددًا على أن أي جهة مانحة، سواء كانت أجنبية أو محلية، لا ينبغي أن تكون الممول الرئيسي، لتجنب أي تأثير على التوجهات الدينية للمسجد.
في المقابل، دافعت إدارة المسجد عن شفافية التمويل، مؤكدة أن غالبية المسؤولين المنتخبين كانوا على علم بالتبرع، وأن جميع التفاصيل المالية تم تقديمها رسميًا للسلطات المعنية.
كما رفضت بلدية ميتز ما وصفته بـ”المحاكمة الكاذبة”، موضحة أن جميع التبرعات تخضع لرقابة وزارة الداخلية وتُعلن وفقًا للقوانين المعمول بها.
واستنكر عمدة ميتز، فرانسوا غروسيدييه، الجدل المثار حول المسألة، مؤكدًا أن الكشف عن هوية المتبرعين ليس من صلاحياته، بل يخضع لإجراءات قانونية واضحة. وأضاف موجهًا كلامه للمنتقدين: “الملك محمد السادس لم يتبرع فقط لهذا المسجد، بل ساهم أيضًا في إعادة بناء كاتدرائية نوتردام في باريس. فهل يعني ذلك أنه يؤثر على أساقفة باريس؟” وأوضح أن المسجد في ميتز مستقل تمامًا عن أي جهة أجنبية، وأن التبرع يعكس التزام المغرب بدعم القيم المشتركة، خاصة في ظل التعاون الفرنسي المغربي في محاربة التطرف والإرهاب.
وأكد العمدة أن سكان المدينة يجب أن يرحبوا بهذه المساهمة، التي تهدف إلى توفير فضاء ديني لآلاف المسلمين الذين يواجهون صعوبات في أداء شعائرهم بسبب نقص المساجد.
ويُذكر أن تكلفة بناء المسجد الكبير في ميتز تبلغ 15.7 مليون يورو، ما يجعل التمويل الأجنبي جزءًا أساسيًا في استكمال هذا المشروع، الذي يستقطب اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية.