أوزين يرد على “هاشتاغ” مدافعًا عن قانون الإضراب.. لكن هل وقع ضحية صفقة الدريسي مع السكوري؟

توصل موقع “هاشتاغ” بحق رد من الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، ردًا على مقال بعنوان “كواليس صفقة سياسية بين الحكومة والحركة الشعبية.. تمرير قانون الإضراب يشعل غضب قيادات الحزب!”، والذي تحدث عن وجود تفاهمات سياسية بين الحزب والحكومة، مكنت من تمرير مشروع القانون التنظيمي للإضراب داخل لجنة التعليم والثقافة والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين.

رد محمد أوزين، الذي جاء في صيغة دفاع سياسي، رفض بشكل قاطع ما وصفه بـ الادعاءات المجانبة للصواب، معتبرًا أن الحزب لم يكن طرفًا في أي اتفاق مشبوه، بل اتخذ قراره بناءً على رؤية متكاملة تستند إلى مصلحة الوطن والمواطن، بعيدًا عن ما وصفها بـ الحسابات السياسوية الضيقة أو استمالة العواطف.

واعتبر أوزين أن تقسيم المشهد السياسي إلى “مع أو ضد” هو تبسيط مخل بالحياة الديمقراطية، مشددًا على أن حزب الحركة الشعبية يمثل مختلف الفئات الاجتماعية، من عمال وأجراء وأرباب عمل، مما يجعله في موقع يفرض عليه البحث عن التوازن في القرارات بدل الانحياز لطرف دون آخر.

وأضاف أن موقف الحزب يستند إلى قراءة أعمق لمشروع القانون، تضع في الاعتبار ضرورة خلق مناخ اقتصادي ملائم يحفظ حقوق الجميع، بدل الارتكاز على المقاربة الصدامية التي تعطل الاستثمارات وتضرب استقرار سوق الشغل.

ورغم أن محمد أوزين شدد على أن الحزب لم يخضع لأي ضغوط سياسية أو اقتصادية، إلا أن الرد لم يجب بشكل مباشر على جوهر التساؤلات التي أثارها المقال. فلم يقدم الأمين العام لحزب الحركة الشعبية تفسيرًا واضحًا لسبب سحب الفريق الحركي لتعديلاته داخل اللجنة، وهي النقطة المحورية في الجدل القائم، مكتفيًا بالحديث عن أن المشروع سيظل خاضعًا للتجويد والتعديل إذا أظهرت الممارسة العملية الحاجة لذلك.

كما أن الرد تجاهل تمامًا المعطيات التي كشفت عن وجود امتعاض داخل الفريق الحركي نفسه من الطريقة التي تم بها تمرير القانون، مما يثير تساؤلات حول مدى وجود توافق داخلي حول هذا القرار، أم أن الأمر كان مجرد التزام سياسي فرضته حسابات أخرى.

وفي محاولة لنقل النقاش إلى زاوية أخرى، تساءل محمد أوزين عن سبب التركيز على موقف الحركة الشعبية، في حين أن أحزاب الأغلبية تمتلك أذرعًا نقابية أكثر تمثيلية، في إشارة إلى نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابي لحزب الاستقلال، إلا أنه لم ينفِ أو يفند المعطيات التي أوردها المصدر البرلماني لموقع “هاشتاغ”، والتي تؤكد أن الحركة الشعبية لعبت دورًا حاسمًا، عبر المستشار البرلماني عبد الرحمان الدريسي، عضو المكتب السياسي للحزب ورئيس لجنة التعليم والثقافة والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، في تمرير المشروع، بعدما تراجعت عن تعديلات شكلية قدمتها ثم سحبتها بشكل مفاجئ.

وتشير مصادر موقع “هاشتاغ” إلى أن تحركات عبد الرحمان الدريسي واتصالاته المكثفة مع مستشارين برلمانيين، ينتمون لتنظيمات نقابية وفرق معارضة، لحثهم على حضور اجتماعات اللجنة لتمرير قانون الإضراب، كشفت عن علاقات غامضة تجمعه أو قد تجمع حزبه بوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري.

وأفادت المصادر نفسها أن الدريسي عقد جلسات غذاء وعشاء مطولة مع مجموعة من أعضاء اللجنة، كما أجرى اتصالات هاتفية مع قياديين نقابيين للضغط من أجل تمرير قانون الإضراب، في خطوة تتعارض مع موقعه الحيادي كرئيس للجنة برلمانية، يفترض أن يمثل جميع الفرق البرلمانية دون انحياز.

هذه التحركات، التي جاءت متناغمة مع أجندة الحكومة، تعزز التساؤلات حول ما إذا كانت قيادة الحركة الشعبية قد فوضت عبد الرحمان الدريسي للعب هذا الدور، أم أنه تحرك بتنسيق مباشر مع دوائر حكومية؟

لقد جاء رد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محاولة لاحتواء الجدل، لكنه في الواقع فتح الباب أمام تساؤلات أعمق حول موقع الحزب داخل المعارضة، ومدى استقلالية قراراته عن تأثيرات الحكومة.

ففي الوقت الذي قدم فيه محمد أزين حزب الحركة الشعبية كمدافع عن التوازن بين الحقوق والواجبات، لم يوضح لماذا لم يصرّ على تقديم بدائل حقيقية داخل اللجنة بدل الاكتفاء بالتصويت لصالح المشروع بصيغته الحكومية؟ ولماذا اختار الحزب التماهي مع موقف الحكومة بدل الاصطفاف إلى جانب الفرق البرلمانية والنقابية الرافضة للقانون؟

الرد لم يكن مجرد تفنيد لمعلومات وردت في مقال صحفي، بل كان موقفًا سياسيًا يحاول رسم صورة جديدة لحزب الحركة الشعبية كقوة مسؤولة لا تسقط في الشعبوية، لكنه في الوقت ذاته لم ينجح في تفكيك عناصر الجدل الأساسي، بل اكتفى بطرح خطاب عام دون تقديم معطيات دقيقة تدحض الوقائع التي كشف عنها مصدر “هاشتاغ”.

ويبقى السؤال مفتوحا: هل كانت الحركة الشعبية شريكًا في صفقة تمرير قانون الإضراب، أم أن الدريسي تجاوز الخطوط المرسومة سياسيا وأحرج أوزين داخل الحزب؟