يبدو أن معرض “GITEX Africa” أصبح بقرة حلوب وجدت فيها وكالة التنمية الرقمية ضالتها، حيث كشفت وثائق يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” عن صفقة جديدة يُنتظر أن تُفتح أظرفتها اليوم الاثنين 17 فبراير الجاري، خصصت لها الوكالة مبلغا يناهز 1.200.000,00 درهم، لتغطية تكاليف تركيب نظام مراقبة بالفيديو خلال المعرض الدولي “GITEX Africa 2025″، المزمع تنظيمه بمدينة مراكش في أبريل القادم، إذ أن مبلغ كهذا، مخصص لمعدات سيتم استخدامها لبضعة أسابيع فقط، يثير علامات استفهام كبرى حول دوافع هذا الإنفاق وما إذا كان يدخل في إطار ترشيد المال العام أم مجرد هدر غير مبرر للموارد المالية؟
تكلفة الصفقة رقم 05/2025، بالنظر إلى طبيعتها المؤقتة، تفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول مدى عقلانية تدبير النفقات العامة، حيث أن تخصيص 120 مليون سنتيم من أجل تجهيزات مراقبة لمعـرض لا يدوم سوى أيام معدودة تبدو كرقم مبالغ فيه، فهل يحتاج تأمين المعرض بكاميرات مراقبة إلى كل هذا الاستثمار؟ وهل تم إجراء دراسة جدوى شفافة تبرر تخصيص هذا المبلغ لمعدات سيجري تفكيكها بمجرد انتهاء الحدث؟ الحديث عن تأمين الفعالية لا ينبغي أن يتحول إلى ذريعة لتمرير صفقات تتجاوز قيمتها المنطقية، خصوصا عندما تغيب رؤية واضحة حول ما إذا كانت هذه المعدات ستُعاد استخدامها مستقبلاً أم أنها مجرد نفقات موسمية تتكرر كل عام؟
وتشير الوثائق التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” إلى أن الشركة الفائزة بالصفقة ستعمل على تركيب منظومة مراقبة متكاملة تشمل أكثر من 110 كاميرات موزعة بين كاميرات PTZ عالية الدقة، وكاميرات Speed Dome بتقنية التقريب البصري ×40، وكاميرات WDR IR القادرة على تحسين جودة الصورة في ظروف الإضاءة المنخفضة. كما سيتم توفير نظام تسجيل رقمي (NVR) قادر على إدارة ما لا يقل عن 32 قناة، مع تخزين البيانات لمدة شهر كامل قبل الحدث وخمسة أيام بعده. وإضافة إلى ذلك، سيتم تثبيت مفاتيح شبكية تدعم تقنية PoE لضمان تدفق بيانات سلس، إلى جانب شاشات مراقبة بحجم 65 بوصة بدقة UHD 4K. ولضمان التشغيل المستمر، تشمل التجهيزات كابلات ألياف بصرية، أجهزة طاقة احتياطية (UPS)، وأرفف تخزين رقمية.
كما تشترط وكالة التنمية الرقمية على المقاول الفائز توفير فريق دعم فني يعمل على مدار 24 ساعة طيلة أيام المعرض الثلاثة، مع استمرار فرد واحد في تقديم الدعم لمدة شهر قبل الحدث. كما أن الشركة مطالبة بتوفير مدير مشروع بخبرة لا تقل عن 10 سنوات، مهندس تصميم بخبرة 5 سنوات، ومدير أنظمة معلومات بخبرة 8 سنوات، وهي معايير توحي بأننا أمام مشروع عملاق ومستدام وليس مجرد تجهيزات لكاميرات مراقبة في معرض مؤقت.
وعند قراءة هذه المعطيات الواردة في وثائق الصفقة، يصبح من الواضح أن معرض “GITEX Africa” قد بات يشكل مناسبة سنوية لتمرير صفقات بمبالغ ضخمة دون تقديم مبررات مقنعة لقيمتها الحقيقية، حيث أن مبلغ 120 مليون سنتيم، الذي يمكن أن يموّل مشاريع مستدامة لها أثر ملموس على المواطنين، يتم توجيهه لمعدات قد تُستعمل لبضعة أيام ثم تُركن في المستودعات، مما يعزز المخاوف من أن مثل هذه الصفقات لا يتم تدبيرها وفق معايير الشفافية والحكامة الجيدة، بل تتحول إلى فرصة لاستنزاف المال العام تحت غطاء تأمين الفعالية الكبرى.
