تتجه القارة الإفريقية نحو تحول استراتيجي غير مسبوق، تقوده مشاريع عملاقة ترسم ملامح المستقبل، أبرزها مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا. هذه المبادرات ليست مجرد استثمارات، بل تمثل دعامة قوية لتعزيز التنمية الاقتصادية، وتكريس التكامل الإقليمي، وإعادة تشكيل الخارطة السياسية والاقتصادية للقارة.
في قلب هذا التحول، يبرز المغرب كقوة محركة، ليس فقط من خلال استثماراته الكبرى في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية والتعاون الزراعي، بل أيضًا عبر ترسيخ موقعه كمركز لوجستي يربط بين أوروبا وإفريقيا. فالمملكة لم تكتفِ بتطوير قدراتها الذاتية، بل باتت شريكًا موثوقًا للعديد من الدول الإفريقية، مسهمة في تطوير الزراعة المستدامة ونقل التكنولوجيا الحديثة، خاصة في مجالات الري وتحسين الإنتاج الزراعي.
لكن هذا التقدم المغربي لم يمر دون إثارة ردود فعل متشنجة، خاصة من الجزائر، التي تجد نفسها أمام منافس اقتصادي صاعد يهدد طموحاتها في تصدر المشهد الإفريقي. ففي الوقت الذي يعزز فيه المغرب حضوره عبر استثمارات ضخمة واتفاقيات استراتيجية، تواصل الجزائر الاعتماد على عائدات النفط والغاز، دون تحقيق قفزة نوعية في القطاعات غير الطاقية، مما يضعها أمام تحديات اقتصادية متزايدة.
ورغم محاولات الجزائر استدراك الفجوة عبر تطوير قطاعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية، إلا أن محدودية الاستثمارات الخارجية وضعف التنويع الاقتصادي يعرقلان مساعيها. في المقابل، يواصل المغرب ونيجيريا استقطاب الشراكات الدولية، معززين نفوذهما في الأسواق الإفريقية، ومحققين تقدمًا ملموسًا في تنفيذ مشروع أنبوب الغاز العملاق، الذي سيغير موازين القوى الاقتصادية في المنطقة، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الإفريقي القائم على الفعالية والاستدامة.