يشهد مضمار التسلح البحري المغربي منافسة شرسة بين عملاقي صناعة الغواصات في أوروبا، حيث تتصارع الشركة الفرنسية “مجموعة نافال” (Naval Group) والشركة الألمانية “تيسين كروب للأنظمة البحرية” (TKMS) للفوز بعقد ضخم يهدف إلى تزويد البحرية الملكية المغربية بغواصتين متطورتين، في خطوة تعكس طموح المغرب لتعزيز قوته البحرية في المنطقة.
وفقًا لموقع “أفريكا إنتليجنس”، أطلق المغرب طلب عروض رسمي للحصول على غواصتين حديثتين، مما أشعل صراعًا محمومًا بين باريس وبرلين. ومن جهتها، تحاول “مجموعة نافال” الفرنسية حسم الصفقة لصالحها عبر تقديم غواصتين من فئة “سكوربين”، المعروفة بتقنياتها المتقدمة في التخفي والاستقلالية، وإمكانية تكييفها لتلائم الاحتياجات البحرية للمغرب. كما تسعى المجموعة الفرنسية أيضًا إلى الحصول على امتياز تشغيل ورشة بناء السفن الجديدة في الدار البيضاء، مما يعزز نفوذها في السوق الدفاعية المغربية.
وتستند فرنسا في عرضها على سجل تعاونها السابق مع البحرية الملكية المغربية، حيث كانت قد زودتها بفرقاطة FREMM سنة 2014، وبدأت منذ عام 2021 مفاوضات مع القوات المسلحة الملكية حول إمكانية توريد الغواصات. كما أن “مجموعة نافال” تُعتبر المرشحة الأبرز لإدارة ورشة بناء السفن المستقبلية في الدار البيضاء، ما يمنحها امتيازًا استراتيجيًا إضافيًا.
لكن في المقابل، لا تنوي ألمانيا ترك الساحة بسهولة، حيث قدمت “تيسين كروب للأنظمة البحرية” عرضًا قويًا بمواصفات تقنية متطورة. وتبرز غواصة “دولفين” (Dolphin AIP) كأحد الخيارات الأكثر جاذبية، بفضل نظام خلايا الوقود المدمج الذي يمنحها قدرة غوص طويلة تحت الماء، إلى جانب نظامها القتالي المتطور وإمكانية إطلاق الطوربيدات والصواريخ والألغام. كما تعرض الشركة الألمانية أيضًا غواصة (HDW Class 209/1400mod)، التي رغم كونها من جيل أقدم، إلا أنها تظل خيارًا موثوقًا ومجربًا في معارك بحرية حقيقية.
ورغم أن فرنسا تبدو صاحبة الأفضلية التاريخية في التعاون العسكري مع المغرب، فإن العرض الألماني يحمل إغراءات تكنولوجية كبيرة قد تقلب الموازين. فهل تحسم البحرية الملكية المغربية خيارها وفق العلاقات الاستراتيجية أم وفق التفوق التكنولوجي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالكشف عن الفائز بهذه المعركة البحرية الدبلوماسية والاقتصادية الكبرى.