رحو يسقط أوزين في فخ الشعبوية.. رجل مؤسسات في مواجهة سياسي يبحث عن الإثارة!

سقط محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية في محاولته تسجيل نقطة سياسية على حساب مجلس المنافسة، في فخ الشعبوية المعتادة، متناسياً أن المؤسسات الدستورية ليست ملعباً للمزايدات الحزبية.

فحين وصف خلال اللقاء الصحفي الذي نظمته مؤسسة الفقيه التطواني يوم الثلاثاء المنصرم، المجلس بـ”مجلس المُقاعسة لا المنافسة”، كان يسعى إلى تأليب الرأي العام ضد مؤسسة تشتغل بمنطق القانون، لا بمنطق الإملاءات السياسية.

لكن أحمد رحو رئيس مجلس المنافسة، وببرود أعصاب رجل الدولة، قطع الطريق أمام هذه المناورة، مؤكداً في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “المجلس لا يدخل إطلاقاً في المناوشات السياسية المماثلة، وأيّ شيء يتعلق بعمل المؤسسة فلأي شخص الحق في التعبير عن رأيه بشأنه”، في إشارة واضحة إلى أن الاستقلالية المؤسساتية ليست محلاً للمساومة السياسية.

إن محمد أوزين، وهو يهاجم مجلس المنافسة، يدرك جيداً أن المجلس ليس جهة تنفيذية، بل هيئة تنظيمية تعمل ضمن صلاحيات محددة يضبطها الدستور والقانون. لكنه، كأي سياسي يتقن فن الخطاب الشعبوي، فضّل الهجوم على المؤسسة بدلاً من تقديم مقترحات جدية لتعزيز دورها.

إن تسقيف أسعار المحروقات، الذي طالب به محمد أوزين، ليس قراراً تقنياً بسيطاً يمكن اتخاذه في خطبة حماسية، بل إجراء له تداعيات اقتصادية تستوجب دراسة معمقة. لكن الخطاب الشعبوي لا يهتم بالحلول، بل يقتات على تأليب الشارع، وهو ما رفضه أحمد رحو بذكاء، حين أكد أن المجلس يشتغل وفق معايير مضبوطة، بعيداً عن التأثيرات السياسية الظرفية.

إن النتيجة كانت محسومة منذ البداية، رجل مؤسسات يواجه سياسياً يصرخ بحثاً عن مكاسب انتخابية. مجلس المنافسة لم يرد أن يكون طرفاً في معركة سياسية لا معنى لها، لكنه انتصر فعلياً حين أثبت أن المؤسسات الدستورية لا تُدار بالشعارات، بل بالعمل الملموس.

ولم يكن تجاهل أحمد رحو لاستفزازات محمد أوزين ضعفاً، بل كان درساً في الحصافة السياسية، ورسالة بأن زمن إخضاع المؤسسات المستقلة للابتزاز السياسي قد ولى، وأن من يريد انتقادها عليه أن يفعل ذلك بالمنطق والقانون، لا بالتصريحات الاستعراضية التي لا تتجاوز عتبة الإثارة الإعلامية.