في أجواء مشحونة بالتوتر، تفجّر الاجتماع الأخير بين النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بعدما انقلبت الوزارة على التزاماتها السابقة وغيرت منهجية الحوار بشكل مفاجئ، ما أثار غضب النقابات التي اعتبرت أن الوزارة تتلاعب بمصير رجال ونساء التعليم.
عبد الله غميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، وصف الاجتماع بـ”المحتقن والمكهرب”، متهمًا الوزارة بالتراجع عن اتفاقاتها السابقة ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع. وأضاف أن الوزارة غيرت تركيبة وفدها التفاوضي، حيث مثلها ثلاثة مسؤولين بدلاً من الكاتب العام الذي كان يدير الحوار سابقًا، مما جعل الوصول إلى تفاهمات شبه مستحيل بسبب تضارب مواقف ممثليها.
الصدمة الكبرى جاءت بعد تراجع الوزارة عن حل ملف أساتذة “الزنزانة 9″، رغم الاتفاق عليه سابقًا، إضافة إلى تأجيل اجتماع حول الحركة الانتقالية دون مبرر مقنع، في خطوة زادت من تأجيج الاحتقان داخل أوساط رجال ونساء التعليم. كما شكل انقلاب الوزارة على اتفاق 9 يناير ضربة قوية للنقابات، حيث رفضت تأويل المادة 81 من النظام الأساسي بشكل إيجابي وإضافة خمس سنوات اعتبارية للمرتبين في السلم 10، بحجة رفض وزارة المالية ووزارة الوظيفة العمومية والخزينة العامة لهذا الإجراء بدعوى تكلفته المالية التي تناهز 1.5 مليار درهم.
الوزارة لم تكتفِ بذلك، بل تراجعت عن وعودها في ملفات حساسة مثل التعويض التكميلي، ومستحقات المساعدين التربويين، والتعويض عن العمل في المناطق النائية، واسترجاع المبالغ المقتطعة من المديرين الذين غيروا إطارهم إلى متصرف تربوي، والتي تصل إلى 40 ألف درهم لبعض الحالات، ما زاد من غضب النقابات التي اعتبرت أن الوزارة تتجه نحو ضرب المكتسبات وهدم الثقة في الحوار الاجتماعي.
هذا الوضع المتفجر دفع النقابات إلى إمهال الوزارة أسبوعًا واحدًا لتصحيح المسار والاستجابة للمطالب العالقة، محذرة من أن أي استمرار في سياسة التسويف والمماطلة سيقود إلى تصعيد غير مسبوق داخل القطاع، في وقت يزداد فيه الاحتقان بين رجال ونساء التعليم الذين يشعرون بأنهم أمام حوار شكلي لا يقدم أي حلول حقيقية لمطالبهم المشروعة.