بعد مرور عام ونصف على زلزال الحوز، لا يزال مئات المتضررين في مراكش وتارودانت ومناطق أخرى يعيشون وسط خيام بلاستيكية مهترئة، تحت رحمة البرد القارس والأمطار الغزيرة، في مشهد يجسد واقعًا مريرًا لوعود لم تتحقق وسياسات لم تخرج عن نطاق الخطابات الرسمية. وبينما تعلن الحكومة عن التقدم في إعادة إسكان المنكوبين، يشتد غضب هؤلاء الذين يشعرون وكأنهم منسيون في عزلة قاسية، بعدما تبدد الزخم التضامني الذي أعقب الزلزال، ليتركهم فريسة للإهمال والتجاهل.
معاناة هؤلاء ليست وليدة لحظة وقوع الكارثة في 8 شتنبر 2023، بل إنها امتداد لمشاكل سابقة تفاقمت بفعل الزلزال، لتزداد سوءًا اليوم بسبب الظروف المناخية القاسية، من موجات برد شديد وتساقطات ثلجية كثيفة، تُحكم حصارها على تجمعات سكنية عشوائية من خيام متهالكة، لا تقي من المطر ولا تحمي من الصقيع. رغم تأكيدات الحكومة بشأن تقدم مشاريع إعادة الإعمار، إلا أن الواقع على الأرض يعكس صورة مختلفة تمامًا، حيث ما زالت مئات الأسر محرومة من أبسط حقوقها في السكن اللائق. متضررون من الحوز أكدوا في تصريحات متطابقة أنهم يعيشون في ظروف قاسية، مشيرين إلى أن صبرهم بدأ ينفد بعد أن انتظروا طويلًا دون أن تتحقق الوعود الرسمية.
اللحظات الأصعب التي يواجهها هؤلاء تأتي مع حلول فصل الشتاء، حين تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات قاتلة، مصحوبة بأمطار غزيرة وثلوج تزيد من معاناتهم اليومية. سكان الخيام يواجهون مشاكل متشابكة؛ من غياب التدفئة، إلى نقص الغذاء، وانعدام الخدمات الصحية، ما يجعلهم يشعرون بأنهم معزولون عن العالم، في ظل غياب أي تدخل ملموس يعيد لهم الأمل في حياة كريمة. ورغم أن الأزمة لها طابع إنساني بالدرجة الأولى، إلا أن الواقع يكشف عن عراقيل أخرى ساهمت في إطالة أمد المعاناة. فإلى جانب البيروقراطية القاتلة التي أخرت عمليات إعادة الإعمار، يشير العديد من المتضررين إلى تفشي ممارسات مشبوهة، من مقاولين رفعوا الأسعار بشكل غير مبرر، إلى تعقيدات إدارية حالت دون استفادة بعض الأسر من الدعم المخصص لإعادة البناء، وسط صمت الجهات المعنية.
الوعود الحكومية التي كانت بمثابة طوق نجاة للمنكوبين، تحوّلت اليوم إلى سراب، فيما تتزايد الأصوات الغاضبة التي تطالب بمحاسبة كل من تسبب في تأخير إنجاز المشاريع، سواء بسبب الإهمال الإداري أو الجشع المالي. عندما ضرب زلزال الحوز، هبّ المغاربة باندفاع إنساني قلّ نظيره، حيث تدافعت القوافل الإغاثية من كل حدب وصوب، وظهرت مشاهد التضامن في كل ربوع البلاد. لكن، وبعد مرور الوقت، بدأت تلك المشاهد تتلاشى، تاركة وراءها مجتمعات منسية تصارع البرد والجوع واليأس، فيما تتقاذف المؤسسات المسؤولية دون حلول واقعية.
اليوم، يقف المنكوبون أمام خيارين أحلاهما مرّ؛ إما انتظار وعود قد لا تتحقق، أو مواجهة مصيرهم في العراء، بينما تستمر الحكومة في تقديم بيانات رسمية تروج لنجاحات لا يعكسها الواقع.