في ظل الجدل المتصاعد حول الارتفاع غير المسبوق لأسعار اللحوم الحمراء والأسماك، تحرك الفريق الحركي بمجلس النواب بطلبين رسميين لإجراء مهمتين استطلاعيتين، للكشف عن مكامن الخلل في منظومة التسويق والتسعير.
ويأتي هذا التحرك وسط تذمر شعبي متزايد من غلاء أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال شهر رمضان، رغم التدابير الحكومية التي لم تفلح في كبح جماح المضاربة والاحتكار.
ويرتكز الطلبان الموجهان إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية بالمجلس، على البحث في الاختلالات التي تعاني منها أسواق اللحوم الحمراء والأسماك، ومحاولة تفكيك الألغاز المحيطة باستمرار ارتفاع الأسعار رغم التدخلات الرسمي، حيث أن الهدف الأساسي هو تعرية واقع السوق وكشف الجهات التي تتحكم في العرض والطلب، خاصة أن شكاوى المواطنين لا تزال تتزايد دون أي بوادر لانخفاض الأسعار.
كما تركز المهمة الاستطلاعية المتعلقة باللحوم الحمراء على تتبع مسار الإنتاج، الاستيراد، والتسويق، مع محاولة تقييم وضعية القطيع الوطني ومدى قدرة البلاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي بعيدًا عن الاستيراد.
وتسعى هذه المبادرة البرلمانية إلى التحقق من مدى صحة الاتهامات الموجهة لبعض الفاعلين الاقتصاديين باحتكار السوق ورفع الأسعار بشكل مصطنع، إضافة إلى تقييم آليات مراقبة الأسعار ومدى نجاعة التدخلات الحكومية في هذا المجال.
وسيشمل التحقيق عدة قطاعات وزارية، من بينها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة الصناعة والتجارة، إلى جانب زيارات ميدانية لعدد من المؤسسات والجمعيات المهنية المعنية.
أما فيما يخص قطاع السمك، فإن التساؤلات تتجه نحو التناقض الصارخ بين غنى المغرب بالثروة السمكية وارتفاع الأسعار في السوق المحلية.
وتشير المعطيات إلى أن البلاد تصدر أكثر من 70% من إنتاجها السمكي، فيما لا يتم تسويق سوى 30% داخل السوق الوطنية، مع تركيز المعروض المحلي على أصناف رخيصة مثل السردين، الذي يُعتبر الملاذ الأخير لشريحة واسعة من المغاربة.
ويطرح هذا الواقع علامات استفهام كبيرة حول آليات التوزيع والتحكم في الأسعار، ومدى وجود مضاربات تؤدي إلى ارتفاع غير مبرر للأثمان.
وسيمتد التحقيق البرلماني إلى القطاعات الوزارية المختصة، إضافة إلى مؤسسات كالمكتب الوطني للصيد البحري والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، فضلاً عن الفاعلين الاقتصاديين في القطاع، حيث أن الهدف هو الإجابة عن أسئلة محورية تتعلق بمدى توفر آليات حقيقية لضبط الأسعار، والجهات التي تستفيد من الوضع الحالي على حساب المستهلك المغربي.