تفجّر الجدل السياسي في المغرب بعد تداول صور لشاحنة تخرج من مرآب إقامة الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، بمدينة سيدي إفني، وهي توزع مساعدات غذائية باسم جمعية “جود”، المرتبطة بحزب التجمع الوطني للأحرار. هذه الواقعة أشعلت موجة انتقادات حادة من أحزاب المعارضة، التي اعتبرتها محاولة واضحة لاستقطاب الناخبين قبل الأوان تحت غطاء العمل الخيري.
وفي هذا السياق، عبر حزب العدالة والتنمية عن رفضه لما وصفه بـ”استغلال وسائل عمومية في توزيع مساعدات ذات بعد انتخابي”، مطالبًا بفتح تحقيق عاجل للتأكد مما إذا كان هناك تواطؤ بين المسؤولين والسلطات في تحديد قوائم المستفيدين، مما قد يهدد نزاهة العملية السياسية.
وبدوره، دخل حزب التقدم والاشتراكية على خط المواجهة، حيث سخر أمينه العام، محمد نبيل بنعبد الله، من الظاهرة، واصفًا توزيع المساعدات عبر الشاحنات بأنه “ذكاء قفي” في إشارة إلى استغلال القفف الغذائية كأداة لاستمالة الناخبين قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وأكد خلال مائدة مستديرة حول “الذكاء الاصطناعي في العمل السياسي” أن من يملك ميزانيات ضخمة لتوزيع المساعدات قادر أيضًا على توظيف إمكانيات هائلة في حملاته الانتخابية.
ويعتقد متابعون أن تحركات المعارضة تعكس قلقًا متزايدًا من التداخل بين العمل الجمعوي والسياسي، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات، حيث تتزايد المخاوف من عودة “المال السياسي” بقوة. وتطالب هذه الأحزاب بتدخل السلطات لضمان شفافية العملية السياسية ومنع أي استغلال للمساعدات الاجتماعية كوسيلة للتأثير على الناخبين.
ومن جانبه، اختار مصطفى بايتاس التزام الصمت أمام الأسئلة الصحفية حول هذه القضية، حيث تهرب من تقديم إجابة واضحة بشأن الشاحنة خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي، مؤكدًا أن “القضايا ذات الطبيعة السياسية سيتم التفاعل معها في الفضاء المناسب”. هذا الموقف اعتبره العديد من المتابعين “اعترافًا ضمنيًا” بصحة ما يُتداول حول استغلال المساعدات لأغراض انتخابية، وإلا لكان قد نفى الأمر بشكل قاطع.
ويبدو أن المواجهة بين أحزاب المعارضة وحزب التجمع الوطني للأحرار ستتواصل، وسط تساؤلات حول مدى قدرة السلطات على ضبط المشهد السياسي ومنع استغلال العمل الخيري لتحقيق مكاسب انتخابية قبل الأوان.