أبرزت إذاعة فرنسا الدولية (RFI) في تقرير مطول نشُر على موقعها الرسمي الصعود اللافت للمملكة العربية السعودية في سوق الأسمدة الفوسفاتية، لتصبح منافسًا قويًا للمجمع الشريف للفوسفاط (OCP)، الذي طالما حافظ على هيمنته في هذا المجال داخل القارة الأفريقية وأجزاء واسعة من العالم.
وذكرت الإذاعة أن السعودية نجحت في مضاعفة حصتها في السوق العالمية للأسمدة ثلاث مرات بين عامي 2019 و2023، مسجلة حوالي 6%، مع تصدير يقارب 7 ملايين طن من مختلف أنواع الأسمدة. هذا النمو يأتي ضمن استراتيجية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تهدف إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط من خلال تنويع مصادر الدخل، حيث تعد صناعة الأسمدة من القطاعات التي تراهن عليها السعودية بشكل كبير.
وأضاف التقرير أن المملكة استطاعت بناء منظومة إنتاج متكاملة بالاعتماد على احتياطاتها الفوسفاتية. ورغم أن هذه الاحتياطات أقل جودة مقارنة بالفوسفات المغربي، إلا أنها تُطوّر عبر عمليات المعالجة. كما تستفيد السعودية من وفرة مصادر الطاقة المحلية، مثل الغاز الطبيعي الذي توفره “أرامكو” والكبريت، مما يمنحها ميزة تنافسية بارزة.
وفي خطوة لتعزيز قدراتها، دعمت الحكومة السعودية شراكات استراتيجية بين شركة “معادن”، التي تعد المشغل الرئيسي لقطاع التعدين، وشركة “سابك” الرائدة في الصناعات البتروكيماوية، وشركة “موزاييك” الأمريكية المتخصصة في إنتاج الأسمدة. وقد أسفر هذا التعاون عن إنشاء بنية إنتاجية متكاملة تشمل تصنيع المواد الأساسية مثل حمض الفوسفوريك، وحمض الكبريتيك، والأمونيا، مما زاد من كفاءة الإنتاج المحلي.
إقرأ ايضاً
اسبانيا تسمح لهؤلاء المسافرين بالدخول اليها بدون تأشيرة؟
انقلاب في أحوال الطقس ينتظر المغاربة الخميس؟
المغرب قلق من مفاجأة فرنسية غريبة؟
المغرب يلغي أشهر وثيقة يكرهها المواطنون؟
المغرب يقدم على هذه الخطوة الخطيرة لتنظيم كأس العالم؟
وأشار التقرير إلى تحول السعودية مؤخراً نحو توسيع نفوذها داخل القارة الأفريقية، بعد تركيز سابق على الأسواق الآسيوية. ففي أفريقيا، التي تعتبر ساحة تقليدية لأنشطة المجمع الشريف للفوسفاط المغربي، تمكنت الرياض من اقتناص 10% من السوق، مستهدفة دول شرق القارة مثل جنوب أفريقيا وكينيا وتنزانيا والجزائر وموزمبيق، بينما لا يزال المغرب يحتفظ بسيطرته الواضحة على سوق غرب أفريقيا بفضل استثماراته الكبرى في مصانع ومراكز إنتاج وتوزيع عبر القارة.
ورغم الهيمنة المستمرة لـ OCP بفضل موارده الكبيرة وجهوده المتواصلة في البحث والتطوير، إلا أن السعودية دخلت المنافسة بأسعار أقل وإنتاج متزايد، ما قد يغير خريطة السوق مستقبلاً. ويرى محللون أن توسع السعودية في أسواق أخرى مثل أمريكا الجنوبية، خصوصاً البرازيل التي تُعد واحدة من أكبر مستوردي الأسمدة عالمياً، قد يرسخ مكانتها كلاعب أساسي في هذا القطاع خلال وقت قصير.
واختتم التقرير بتوقعات خبراء تشير إلى أن المغرب سيواجه تحديات متزايدة للحفاظ على موقعه الريادي في ظل الدعم الحكومي الكبير الذي تحظى به الشركات السعودية. هذا الدعم قد يجعل المملكة منافسًا شرسًا وقادرًا على ترك بصمة قوية في الأسواق العالمية.