يواجه المغرب تحديًا بيئيًا جديدًا يتمثل في تصاعد نشاط الجراد الصحراوي، حيث تتوسع رقعة انتشار هذا النوع من الحشرات عبر شمال غرب إفريقيا. وفقًا لتقرير حديث أصدرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، تشير المعطيات إلى أن الظروف البيئية المهيئة في المناطق الجنوبية المغربية، وخاصة في وديان درعة وزيز-غريس، أصبحت أرضًا خصبة لتكاثر مجموعات الجراد بشكل ملحوظ.
ورغم أن موجة الجراد الأولى التي ضربت الأراضي المغربية خلال مارس الماضي لم تصل إلى شدة الوضع في الجزائر وليبيا، إلا أن السلطات المغربية أدركت خطورة الموقف وسارعت إلى اتخاذ إجراءات عملية لمكافحة هذه الظاهرة. عمليات الرصد الميداني كانت دقيقة، حيث تم تسجيل مؤشرات واضحة على تسارع وتيرة التكاثر، مما دفع الجهات المعنية إلى العمل بسرعة لمعالجة الأوضاع.
ووضعت المنظمة الدولية المغرب في دائرة “الحذر”، معتبرة أن انتشار أسراب الجراد القادمة من جنوب الصحراء الكبرى يمثل تهديدًا محتملًا. الجراد استفاد بشكل كبير من الغطاء النباتي الناتج عن الأمطار الموسمية المحدودة، مما وفر له ملاذًا مناسبًا لبدء دورات تكاثر جديدة. في هذا السياق، كانت فرق المراقبة في المغرب قد تمكنت من توثيق مراحل تطور الجراد بدقة، بما في ذلك مجموعات صغيرة من “الحوريات” وعمليات التزاوج بين الجراد البالغ في مناطق معينة، من أسا إلى أرفود ثم بين أسا وزاكورة.
بحلول نهاية مارس، بدأ الجيل الجديد من الجراد يظهر بشكل مبعثر، حيث لوحظت مجموعات من الحوريات جنوب منطقة فم الحسن، مما يشير إلى انتقال دورة التكاثر إلى مرحلة أكثر عمقًا وخطورة. هذا التطور دفع السلطات المغربية إلى مكافحة الظاهرة عبر معالجة مساحة إجمالية تجاوزت 2,000 هكتار باستخدام الرش الجوي، في محاولة لمنع انتشار الأسراب الضخمة التي تهدد المحاصيل الزراعية والمراعي الحيوانية.