المغرب يشدد الرقابة على المنتجات المستوردة

ماريا الزهر
في مشهد قد يبدو للبعض روتينيًا، لكن خلف الكواليس، كان القرار أشبه بإعلان حرب على فوضى الاستيراد. المغرب، البلد الذي يسابق الزمن نحو التنمية، دخل رسميًا مرحلة جديدة من اليقظة الصناعية والزراعية، بإطلاق نظام صارم وغير مسبوق لمراقبة منشأ المنتجات قبل أن تصل إلى رفوف المتاجر أو مزارع البلاد. قرار نُشر في صمت يوم 17 ماي 2025، لكنه حمل في طياته تحولات جذرية لا تمس فقط الاقتصاد، بل أمن المواطن وسلامته.

من مصانع الحديد إلى أنابيب الري، ومن الأسلاك الكهربائية إلى ألعاب الأطفال، أصبح كل منتج يدخل التراب الوطني تحت المجهر. حديد البناء مثلًا، الذي يحمي أساسات البيوت، لن يُسمح له بالمرور دون أن يثبت جدارته. الأجهزة الكهربائية التي كانت تُقتنى بثقة عمياء، صارت الآن تخضع لاختبارات تحاكي سيناريوهات الحرائق والانفجارات. إنها مرحلة لم تعد فيها المجاملة خيارًا، بل صراع وجود بين الجودة والرداءة، بين ما هو صالح للاستخدام وما هو قنبلة موقوتة.

ولا تقتصر الرقابة على الأشياء الثقيلة وحدها، بل تمتد إلى أكثر المنتجات حميمية في حياة الناس: أواني الطبخ، ألعاب الرضع، ومراوح غرف النوم. كل عنصر أصبح مطالبًا بإثبات خلوه من المواد السامة أو الخطيرة. لم يعد معيار “رخيص” كافيًا، بل صار السؤال الحقيقي: “هل هو آمن؟”.

وسط كل هذا، يتغير أيضًا موقع المستورد. لم يعد مجرد تاجر، بل أصبح شريكًا في سلامة الوطن، يُطالب بشهادات، ويُراقب، ويُحاسب. من لا يمتثل، لا يمر. من يتهرب، يُعاقب. فالحدود لم تعد مجرد حواجز جمركية، بل بوابات اختبار لمدى التزام العالم الخارجي بشروط المغرب.

إنه فصل جديد من الحزم، حيث تُكتب قواعد اللعبة بالمعايير والمطابقة، لا بالوساطة والمحاباة. والمستهلك المغربي، ولأول مرة منذ عقود، قد يجد نفسه أخيرًا في قلب أولويات القرار الاقتصادي، بعد أن كان ضحيته في كثير من الأحيان. فهل يستمر هذا الزخم؟ وهل تنجح البلاد في كسب معركة الجودة؟ الأيام وحدها ستكشف عن النهاية.