أثارت تدوينة مصطفى الرميد الوزير والحقوقي السابق جدلاً واسعاً بسبب موقفه المزدوج من العلاقة بين السياسي والصحافي، حيث بدا وكأنه يحاول التوفيق بين الدفاع عن حرية التعبير من جهة وتبرير لجوء السياسيين إلى القضاء ضد الصحفيين من جهة أخرى.
هذا التوازن الظاهري يخفي في الواقع رؤية انتقائية للعدالة توظف القانون ليس لحماية الحقيقة بل لردع النقد ومساءلة الفاعلين السياسيين.
الرميد، الذي يفترض فيه كحقوقي أن ينتصر لحرية الكلمة، قدّم مقاربة تُسوغ محاكمة الصحفيين متى ما أزعجت كلماتهم السياسيين، متجاهلاً السياق العام الذي تتعرض فيه الصحافة بالمغرب لضغوط كبيرة.
فبدلاً من أن يدعو إلى حماية الإعلام كسلطة رقابية، اختار أن يلوّح بالقانون كسيف مسلط على رقاب كل من يجرؤ على كشف عيوب التدبير السياسي.
ما حملته التدوينة ليس مجرد رأي شخصي، بل مؤشر على أزمة أعمق يعيشها الفاعل السياسي حين يحاول اللعب على الحبلين: التظاهر بالانفتاح والشفافية، وفي الوقت نفسه تقييد حرية الصحافة باسم القانون.
والمفارقة أن هذا الخطاب لا يخدم لا السياسة ولا الصحافة، بل يعمّق فقدان الثقة في الخطاب السياسي حين يصبح تبريراً للسلطة لا مساءلة لها.