#هاشتاغ
في لحظة لا تُشبه هيبة المناصب ولا مقتضيات المسؤولية، ظهر الوزير عبد الصمد قيوح وهو يهرول لأخذ صورة “سيلفي” مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكأنه في رحلة سياحية لا تمثيلية رسمية باسم المملكة المغربية. مشهد عابر في نظر البعض، لكنه كاشف في عمقه عن حجم الخفة التي يتعامل بها بعض وزرائنا مع مواقعهم الحساسة.
المثير للدهشة ليس فقط في تصرف قيوح الذي أصر على توثيق لحظة الانبهار كطفل التقى نجمه المفضل، بل في صمته لاحقًا، وكأنه لا يرى في فعلته ما يستحق التوضيح أو الاعتذار. فهل يدرك الوزير أنه في مهمة رسمية؟ وهل يعلم أن صورته تلك اختزلت كل ما لا ينبغي أن يحدث في مثل هذه المحافل، من استخفاف بالدور، وضياع للرمزية، وإساءة ضمنية لهيبة الدولة التي يمثلها؟
قيوح لم يخطئ فقط في التوقيت والسياق، بل في إدراكه لدوره. لم يكن هناك ليوثق لحظة إعجاب شخصية، بل ليعكس صورة المغرب الرسمية، بمستوى من الرزانة والجدية تليق بممثلي الوطن أمام رؤساء الدول. لكن الوزير – للأسف – تصرف بمنطق “المعجب”، لا بمنطق رجل الدولة، ما يكشف فجوة خطيرة بين المسؤول والموقع الذي يتقلده.
واللوم هنا لا يجب أن يتوقف عند قيوح فقط، بل يجب أن يُوجَّه مباشرة إلى من زكّاه لهذا المنصب، ومن فتح له باب التموقع الحكومي دون أن يُخضعه لا لاختبار كفاءة ولا لميزان الجدية. فالمناصب لا تُمنح للباحثين عن صور تذكارية، بل تُسند لمن يُحسن تمثيل الوطن أمام الخارج، ويعرف متى يتحدث، ومتى يلتزم الصمت، ومتى تكون الصورة فعلًا ذا مغزى، لا مجرد تصرف ساذج يُضحك الآخرين ويحرجنا كمغاربة.
لقد بات من الضروري، بعد هذه الحادثة المؤسفة، أن نعيد النظر في معايير اختيار الوزراء والمسؤولين الذين يمثلون المغرب في الخارج. فالمهام الحكومية ليست مجرّد بدلة وربطة عنق ومقعد في الطائرة، بل مسؤولية ثقيلة يجب أن تُمنح لمن يستحقها فعلًا، لا لمن يبحث عن لقطة عمره أمام الكاميرا.