ماريا الزوهري
أنس الصفريوي، الرجل الذي ارتبط اسمه لسنوات طويلة ببرامج السكن الاجتماعي، عاد اليوم ليتصدر المشهد الاقتصادي المغربي، ولكن هذه المرة بثوب جديد يتجاوز حدود العقار. فقد توسعت استثماراته بشكل لافت إلى قطاعات حيوية كالإسمنت والصناعة الدوائية وحتى الزراعة، ما ساهم في تعزيز ثروته مجددًا وعودته إلى قائمة الأثرياء المغاربة وفق تصنيف “فوربس”.
هذا التحول في النموذج الاقتصادي للصفريوي ليس وليد اليوم. فقد بدأ عمليًا بعد تعثر قطاع العقار الذي كان حجر الأساس في بنائه المالي، خاصة عقب المشاكل التي واجهتها مجموعة “الضحى” وتراجع ثقة عدد من الزبائن والمستثمرين في مشاريعها. كما أن الأداء المتواضع لأسهم الشركة في البورصة وفضائح تتعلق بجودة بعض المشاريع وتدبيرها المالي دفعت المستثمر إلى مراجعة أوراقه وتوزيع بيضه على سلال متعددة.
من هذا المنطلق، توسعت أنشطته نحو قطاع الإسمنت عبر شركتي “إسمنت الأطلس” و”Cimaf”، ثم دخل بشكل قوي إلى قطاع الأدوية من خلال استحواذه على مختبر “أفريك فار”. اليوم، يشرف الصفريوي أيضًا على مشروع اختراق المجال الفلاحي، في وقت يُنظر فيه لهذا القطاع كفرصة اقتصادية واعدة في ظل التقلبات العالمية.
لكن، وبالرغم من هذا التوسع، تبقى التساؤلات مطروحة حول منطق هذا التحول. فهل هو نتيجة خطة استراتيجية محكمة هدفها تنويع مصادر الثروة الوطنية والمساهمة في القطاعات المنتجة؟ أم هو انعكاس لمحاولة الإفلات من مأزق قطاع شهد تراجعات حادة، سواء على مستوى الطلب أو المردودية؟
النقطة الأهم التي تستوجب التوقف عندها، هي أن هذا التوسع تم في ظل غياب شفافية واضحة بشأن بعض عمليات التموقع والتمويل. فالصفريوي، رغم حضوره الاقتصادي القوي، يفضّل العمل في الظل، بعيدًا عن رقابة الرأي العام، وهو ما يطرح إشكالية في ربط الثروة بالمسؤولية الاجتماعية والشفافية المالية. كما أن تراكم الأنشطة في يد عدد محدود من رجال الأعمال يعيد إحياء النقاش القديم حول تركيز الثروة والفرص داخل نخب اقتصادية محدودة، بينما يظل الآلاف من المقاولين الشباب يصارعون من أجل التمويل والبقاء.
في المقابل، لا يمكن إنكار أن الصفريوي استطاع، في ظرفية اقتصادية غير مستقرة، أن يُعيد تموقعه بذكاء في قطاعات مستقبلية، ما يعكس مرونة واضحة في التسيير واتخاذ القرار. غير أن النجاح الفردي في عالم الأعمال لا يعفي من النقاش العمومي حول التوازنات الاقتصادية، والعدالة في توزيع الفرص، وضرورة إخضاع كبار الفاعلين الاقتصاديين لمنطق المحاسبة والمصلحة الوطنية.
فأنس الصفريوي، في نهاية المطاف، ليس مجرد رجل أعمال ناجح، بل هو شخصية عمومية تؤثر قراراتها في مناصب الشغل، والأسعار، وحتى في توجهات الاقتصاد الوطني. ومن هذا المنطلق، فإن مسار تنويعه لثروته يظل مجالًا مفتوحًا للنقاش… بين الإشادة والانتقاد، بين الطموح المشروع والمساءلة الضرورية.