رسالة ولاء أم بيان ولاء؟ برلمانيون يبايعون لشكر على خراب الاتحاد الاشتراكي

بينما تتفاقم عزلة إدريس لشكر داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتتراجع الحماسة للمؤتمر الوطني الحادي عشر في ظل تحفظ واسع من جانب المناضلين والقيادات الحزبية، أقدمت مجموعة من البرلمانيين عن جهة طنجة تطوان الحسيمة على إصدار رسالة مثيرة للجدل، سواء من حيث توقيتها أو محتواها، دعوا فيها لشكر إلى الترشح لولاية رابعة، متجاوزين بذلك منطق التداول الديمقراطي، ومُغدقين عليه عبارات المديح في مشهد اعتبره كثيرون تجسيداً للتملق والانخراط الأعمى في خدمة زعيم يُحمّله غالبية الاتحاديين مسؤولية انهيار الحزب وتآكل هويته التاريخية.

الرسالة، الموقعة من طرف كل من يوسف ايدي، سلوى الدمناتي، يوسف بن جلون، الأمين البقالي الطاهري، حميد الدراق، عبد القادر الطاهر وعبد النور الحسناوي، لا تكتفي بطلب ترشيح لشكر، بل تحاول تقديمه كقائد استثنائي قاد الحزب إلى “الريادة” و”النتائج الإيجابية”، متجاهلين الواقع التنظيمي والسياسي الكارثي الذي يعيشه الحزب منذ سنوات.

وفي صيغة تُذكر بخطاب التأليه، تحدث الموقعون عن “عمل يومي” و”قطع المسافات الطوال” و”المجهود الجبار” الذي بذله لشكر، وكأنهم يتحدثون عن زعيم تاريخي لا عن شخصية مثيرة للجدل، متهمة بتفكيك التنظيم، وإسكات الأصوات المعارضة، والتشبث بالموقع إلى حد الإخلال بأبسط قواعد التداول الديمقراطي.

ما تفضحه الرسالة ليس فقط عزلة لشكر، بل أيضاً هشاشة ما تبقى من أذرعه داخل الحزب، إذ لم يجد من يوقع له نداء التمديد سوى حفنة من البرلمانيين الذين يدينون له بالولاء، إما لأنهم يدينون له بمقاعدهم، أو لأنهم يرون في استمراره وسيلة لحفظ مواقعهم داخل الحزب، حتى وإن كان ذلك على حساب مصداقيته ومكانته التاريخية.

المثير أن الرسالة تأتي في ظل غياب أي منافس على القيادة، ليس لأن لشكر شخصية توافقية أو قوية، بل لأن أغلب الاتحاديين قرروا الانسحاب من اللعبة، وانتظار رحيله لعلهم يجدون سبيلاً للعودة إلى حزبهم، بعدما تحول إلى مقاولة انتخابية تُدار بمنطق الزبونية والترضيات.

وإذا كانت هذه الرسالة تعكس شيئاً، فهي تكشف إلى أي حد بلغ الفراغ داخل التنظيم، وإلى أي مدى انحدر مستوى الخطاب السياسي لدى بعض ممثلي الأمة، الذين أصبحوا يخلطون بين الانضباط الحزبي والتزلف، وبين التعبئة الديمقراطية والترويج لشخص واحد، في مشهد بائس لا يليق بتاريخ حزب أعطى المغرب أسماء من طينة بوعبيد، اليوسفي، ولشكر نفسه قبل أن يتحول إلى ما هو عليه الآن.

في النهاية، لا يسع المتتبع إلا أن يتساءل: هل نحن أمام تحضير لمؤتمر حزبي ديمقراطي، أم أمام “بيعة رابعة” يجري إخراجها بأسلوب رسائل ولاء رديئة الصياغة؟ وهل من مخرج لحزب الاتحاد الاشتراكي سوى في طي صفحة إدريس لشكر ومن يدورون في فلكه؟