الأحرار يتصدر حملة ترهيب المبلغين عن الفساد وتصفية الحسابات مع الأصوات المزعجة

هاشتاغ

تشهد الساحة السياسية في المغرب تصعيدًا غير مسبوق في ما وصفه العديد من المتتبعين بـ”حملة انتقامية ممنهجة” تقودها دوائر في حزب التجمع الوطني للأحرار، تستهدف كل من تجرأ على انتقاد الحكومة أو كشف ملفات الفساد المرتبطة بتدبير الشأن العام، في ظل صمت مريب للمؤسسات المعنية بحماية حرية التعبير وربط المسؤولية بالمحاسبة.

فبعد أيام من إزاحة محمد البشير الراشدي من رئاسة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، إثر صراع خفي مع محيط رئاسة الحكومة، وبعد تحييد رضا الشامي من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رغم إشادته الواسعة بعمله النقدي البناء، يتواصل مسلسل استهداف الأصوات المستقلة ليطال هذه المرة رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، الذي بات مهددًا بالمحاكمة بسبب تصريحات أدلى بها حول ملف فساد كبير يتعلق بصفقة المحطة الطرقية لحي العزوزية بمراكش.

وحسب بيان رسمي للجمعية صدر عقب اجتماع طارئ بتاريخ 3 يوليوز 2025، فإن البرلماني يونس بنسليمان عن حزب الأحرار، إلى جانب برلماني سابق عن العدالة والتنمية، قد تقدما بشكاية مباشرة إلى رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش ضد الغلوسي، على خلفية مشاركته في ندوة صحفية نظمها المكتب الجهوي للجمعية تناولت قضايا مرتبطة بالفساد ونهب المال العام.

البيان اعتبر الشكاية جزءًا من حملة مضايقات قانونية وإعلامية تستهدف الجمعية ورئيسها، مؤكداً أن الهدف منها هو “ترهيب المبلغين عن الفساد ومحاولة إسكات الأصوات الحرة التي تطالب بإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

ولم يغفل البلاغ الإشارة إلى أن الملف الذي تطرق له الغلوسي يخضع أصلًا لتحقيق قضائي أمام غرفة الجنايات المكلفة بجرائم المال العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، حيث يُتابع فيه برلمانيون ومسؤولون محليون بتهم ثقيلة من قبيل تبديد المال العام، استعمال وثائق مزورة، وتلقي فائدة غير مشروعة في صفقات عمومية.

في المقابل، من المقرر أن يمثل الغلوسي أمام القضاء يوم 18 يوليوز الجاري، في تطور خطير اعتبرته الجمعية منعطفًا نحو تجريم النقد العلني وتهديد العمل الحقوقي، خاصة حين يتعلق الأمر بفضح الفساد الذي تنخر تدبير عدد من المشاريع العمومية.

وأكد المكتب الوطني للجمعية أنه سيتواصل مع عدد من المحامين لمؤازرة رئيسه، ويعتزم إطلاق برنامج نضالي واسع، قائلًا في بلاغه إن “الحملة التي يتعرض لها الغلوسي ليست سوى رسالة تخويف لباقي النشطاء والمبلغين”، ومضيفًا أن “السكوت اليوم يعني نهاية أي أمل في بناء دولة الحق والمؤسسات”.

هذا السلوك، حسب عدد من المراقبين، يكشف تناقضًا صارخًا في خطاب الأغلبية الحكومية التي تدّعي تبني الشفافية ومحاربة الفساد، بينما تمارس في الواقع سياسة التضييق والتكميم، وتستخدم القانون سلاحًا لتصفية الحسابات مع معارضيها.

فهل أصبحت محاربة الفساد في المغرب تهمة؟ وهل يتحول “المُبلغ” إلى “متهم” فقط لأنه رفع صوته بالحقيقة؟