المنصورية… من جوهرة سياحية إلى مدينة إسمنتية تحت أعين السلطات!

خالد بوبكري
تحوّلت مدينة المنصورية، الجارة الهادئة لمدينة المحمدية، من مشروع واعد لوجهة سياحية متوسطية إلى كتلة إسمنتية تختنق تحت ضغط لوبيات العقار، في مشهد يثير الكثير من علامات الاستفهام حول دور السلطات المحلية والجهوية في حماية المجال الطبيعي والحفاظ على مؤهلات المدينة.

المنصورية، هذه المدينة الشاطئية الصغيرة ذات المؤهلات البيئية والسياحية العالية، كُتب لها أن تكون على شاكلة المدن الساحلية الأوروبية، بمساحاتها الخضراء، وممراتها الترفيهية، وشواطئها النظيفة المنظمة.

لكنّ الواقع اليوم يشهد على عكس ذلك تمامًا.

فعوض أن تتحول إلى متنفس سياحي جذاب، وقبلة للمستثمرين في السياحة المستدامة، تم تفويتها للوبيات العقار التي استباحت المجال دون رحمة، وفرضت منطق الربح السريع على حساب التهيئة والتوازن.

أصبحت شوارع المدينة تغرق في البنايات العشوائية والمركبات الإسمنتية المتراصة، فيما بيعت الشقق والإقامات بأثمنة خيالية تُضاهي حي الرياض بالرباط، وأحياء النخبة بطنجة وأكادير ومراكش، رغم غياب أبسط شروط الجودة الحضرية.

والأدهى، أن المدينة التي من المفترض أن تكون الحاضنة لأحد أكبر المشاريع المرتبطة بكأس العالم 2030، تفتقر إلى أبسط المرافق الأساسية: لا دار شباب، لا مساحات خضراء، لا فضاءات للترفيه، لا مكتبات عمومية، ولا حتى كورنيش منظم.

أما الشاطئ، فاحتله البناء الأفقي وأصحاب العربات العشوائية، ليتحول إلى سوق مفتوح تعمه الفوضى.

ما يجري اليوم في المنصورية ليس مجرد إخفاق عرضي في التسيير، بل هو سياسة تدمير ممنهجة لمجال واعد، تحدث على مرأى ومسمع من السلطات المحلية والإقليمية، وعلى رأسها والي جهة الدار البيضاء-سطات، الذي كان يُعوّل عليه الكثير لقيادة نموذج تنموي جديد يعيد الاعتبار للمجال الساحلي.

أمام هذا الوضع، يتساءل سكان المنصورية وزوارها: إلى متى ستظل هذه المدينة الجميلة رهينة جشع العقاريين؟ ومتى يتحرك من بيدهم القرار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان؟