مولاي العربي أحمد
في تحول مفاجئ للمشهد السياسي، أجهضت مؤسسة “المغرب 2030″ التي تم الإعلان عن إنشائها مؤخرًا، طموحات الأحزاب السياسية التي كانت تمني النفس بتشكيل ما اصطلح عليه بـ”حكومة المونديال”.
هذه التسمية التي راجت في أروقة السياسة المغربية خلال الأشهر الأخيرة، عكست رهانات حزبية على الفترة التي تسبق تنظيم كأس العالم 2030، حيث كان يُنظر إليها كمحطة حاسمة لتدبير مشاريع ضخمة وتدفقات مالية كبرى.
عدد من الأحزاب، في مقدمتها التجمع الوطني للأحرار، تباهت علانية بإمكانية ترؤس “حكومة 2026″، مؤكدة أن لديها الكفاءات لتدبير ملفات البنيات التحتية الكبرى، والمشاريع المرتبطة بتنظيم المونديال.
وتبعتها في هذا الطموح أحزاب كالأصالة والمعاصرة، والاستقلال، بل حتى بعض مكونات المعارضة التي رأت في هذا الأفق فرصة لـ”العودة إلى الضوء”، بعد سنوات من التراجع السياسي.
غير أن قرار إحداث “مؤسسة المغرب 2030″، باعتبارها مؤسسة عمومية ذات طابع استراتيجي، مستقلة في تسييرها ومتصرفة في الملفات الكبرى الخاصة بالتحضير لكأس العالم، أعاد توزيع الأدوار، وقلّص من سقف الآمال الحزبية.
فصلاحيات هذه المؤسسة الجديدة تشمل الإشراف على الصفقات، تدبير الميزانيات الضخمة، وضمان تنسيق المشاريع الكبرى، ما يعني عملياً أن الحكومة المقبلة لن تكون سوى “هيئة تنفيذية تقليدية” بدون الإمساك بالملفات الجوهرية.
ويشبّه عدد من المراقبين الدور المنتظر لرئيس الحكومة المقبل، ووزرائه، بالدور المحدود لوزير العدل الحالي، الذي رغم حساسية القطاع الذي يديره، فإن القرارات الكبرى تبقى في يد المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
وهو ما يعزز الطرح القائل بأن “الحكامة الحقيقية” في السنوات المقبلة، ستنتقل إلى مؤسسات موضوعاتية استراتيجية، بدل الجهاز التنفيذي الكلاسيكي.
وبينما تلوذ بعض الأحزاب بالصمت أو بـ”قراءة متأنية” لهذا التطور، بدأت أخرى تراجع حساباتها الانتخابية والسياسية، في ظل ضبابية المشهد الجديد، وتحوّل مركز الثقل من “السلطة الحكومية” إلى “المؤسسات المتخصصة”.