هاشتاغ
أنهى مكتب مجلس النواب، في اجتماعه الأخير، الجدل الذي تفجّر خلال الأسابيع الماضية بخصوص تشكيل لجنة المهمة الاستطلاعية الخاصة باستيراد المواشي والدعم المرتبط بها، وهي القضية التي أثارت جدلًا واسعًا بسبب ما اعتبرته فرق المعارضة فضيحة مالية كبرى، وهدرًا للمال العام بالمليارات في عهد حكومة عزيز أخنوش.
وقرّر المكتب منح رئاسة اللجنة للفريق الحركي، الذي ينتمي رسميًا إلى المعارضة، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة من الأغلبية البرلمانية لخلق شرخ داخل صفوف المعارضة، التي كانت قد اتفقت على التمسك بمطلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق بدل الاكتفاء بلجنة استطلاعية ذات صلاحيات محدودة.
القرار المفاجئ بترؤس النائب إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، للجنة الاستطلاعية، لم يأت مجانًا – بحسب مصادر برلمانية – بل يدخل ضمن ما وصف بـ”هندسة سياسية مدروسة” تهدف إلى نسف وحدة المعارضة من الداخل، وتفادي تشكيل لجنة تقصي الحقائق التي تملك صلاحيات دستورية أقوى وقدرة على مساءلة الحكومة بشكل مباشر.
ورغم إنهاء حالة “البلوكاج” التي عطّلت مسطرة تشكيل اللجنة، يبقى السؤال مطروحًا: هل سيقبل الفريق الحركي بلعب هذا الدور بمعزل عن باقي مكونات المعارضة؟ أم أنه سيلتزم بالقرار الجماعي الرافض لما تعتبره المعارضة محاولة لتمييع النقاش حول ملف ثقيل يتطلب الشفافية والمحاسبة، لا الالتفاف والمراوغة؟
المعارضة كانت قد عبّرت في مناسبات سابقة عن رفضها للمنهجية التي سلكتها الأغلبية، خاصة بعد جلسة الاثنين 19 ماي، حين انسحبت من اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية احتجاجًا على تمرير طلب الأغلبية واعتماده رغم تأخره زمنيًا عن طلب المعارضة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق.
وفي هذا السياق، اعتبرت المعارضة أن ما جرى يُظهر “تغول الأغلبية البرلمانية”، التي تفضل حماية الحكومة من المساءلة السياسية الجدية، على حساب الشفافية واحترام التوازنات المؤسساتية، مطالبة بإعادة الاعتبار لدور البرلمان في الرقابة وتحصين الحياة السياسية من منطق التحكم.
وتبقى قضية دعم استيراد المواشي، التي كلفت خزينة الدولة ملايير الدراهم، محور اهتمام واسع في الرأي العام، الذي لا يزال يطالب بكشف ملابساتها، وتحديد المسؤوليات السياسية والإدارية المرتبطة بها، خاصة بعد انتشار معطيات حول شبهات سوء تدبير وعلاقات مشبوهة بين مستفيدين ومسؤولين.
ويطرح المراقبون اليوم سؤالًا محوريًا: هل تنجح الأغلبية فعلاً في شق صف المعارضة وتمييع النقاش حول واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في عهد حكومة أخنوش؟ أم أن الرأي العام سيفرض معادلة جديدة تجعل من هذه القضية محطة اختبار حقيقية للنزاهة المؤسساتية وجرأة المحاسبة؟