زلزال داخل الزاوية البودشيشية.. منير القادري يتنازل عن المشيخة لشقيقه وسط صراع الخلافة

تحت لافتة “الخوف من التشرذم” و”سلامة السفينة”، خرج منير القادري، نجل الراحل جمال الدين شيخ الزاوية القادرية البودشيشية، ببيان رسمي مؤرخ في 12 غشت 2025، يعلن فيه تنازله عن المشيخة لصالح شقيقه معاذ القادري بودشيش. خطاب التنازل جاء مفعماً بالكلمات الروحية، لكنه يطفو فوق بحر من الصراعات الخفية التي طبعت الكواليس منذ مرض الشيخ الراحل وحتى ساعات ما بعد وفاته.

مصادر متطابقة تؤكد أن أنصار منير ارتكبوا خطأً فادحاً عندما نشروا خبر “تتويجه” شيخاً جديداً قبل أن يلفظ والده أنفاسه الأخيرة، بل وأعادوا تأكيده بعد الوفاة مباشرة، في مشهد اعتبره مريدون ومسؤولون في الدولة “تجاوزاً للحدود” و”استباقاً فاضحاً” لعملية الخلافة. هذا التصرف لم يمر مرور الكرام، إذ ساهم في تغذية الانقسام وأجّج استياءً داخل الزاوية وخارجها.

الغائب الأكبر عن جنازة الشيخ جمال الدين كان الحضور الرسمي الرفيع. كبار المسؤولين الذين حضروا جنازة الشيخ حمزة قبل سنوات، آثروا هذه المرة الابتعاد، ما يعكس حجم الحساسية التي أحاطت بالمشهد. والأكثر لفتاً للانتباه أن برقية التعزية الملكية لم تتضمن أي إشارة إلى من سيخلف الراحل، مكتفية بعبارات التعاطف والمواساة، في ما اعتبره مراقبون رسالة سياسية واضحة بعدم الانحياز في معركة خلافة لم تخلُ من حسابات معقدة.

بهذا التنازل، طويت صفحة، لكن ليس بالضرورة أن يكون النزاع قد انتهى. فالزاوية التي لعبت أدواراً روحية وسياسية في العقود الماضية تدخل اليوم مرحلة اختبار: هل سيتحول انتقال القيادة إلى فرصة لترتيب البيت الداخلي واستعادة الإجماع، أم ستظل رهينة شدّ وجذب بين الطموحات الشخصية، الرمزية الدينية، والمصالح السياسية التي لطالما أحاطت بها؟