حمان يخصص أزيد من 300 مليون لتلميع صورته وانقطاعات الماء والكهرباء تحاصر المواطنين

بينما يعيش الاف المغاربة في صيف العطش والظلام، يستمر المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب تحت إدارة مديره العام طارق حمان في تبديد المال العام على صفقات لا تمت بصلة إلى هموم المواطنين اليومية.
فقد أعلن المكتب عن طلب عروض مفتوح رقم 27/DAM/S/2025 يتعلق بـ”مواكبة في مجال التواصل والتحسيس”، حددت كلفته التقديرية في 3.620.880,00 درهم.

الوثائق الرسمية تكشف تفاصيل مثيرة حول طبيعة هذه “الإنجازات” التي ستكلف الملايين، في حين يفتقر المواطن البسيط إلى قطرة ماء أو إنارة مستقرة. فالصفقة تشمل إنجاز سبوتات وفيديوهات بالـ Motion Design وStop Motion بثلاث لغات، وتصوير وأفلام مؤسساتية بأربع لغات، وتكييف وإنتاج أفلام جديدة مع المونتاج والتصوير، وإنتاج فيديوهات خاصة بالأنشطة الرسمية للمكتب، واستعمال الدرون لتصوير صور وفيديوهات.

بالإضافة إلى إعداد رسائل إذاعية بأربع لهجات، وتنظيم ندوات صحفية ورحلات للصحافة الوطنية شاملة النقل والإقامة، وتوفير خبراء في الصحافة والتتبع اليومي مع إعداد مراجعات صحفية يومية قبل العاشرة صباحاً، والتقاط صور مهنية وألبومات، وتوفير حواسيب MacBook Pro بخصائص تقنية متقدمة، وتسيير شهري للمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي.

هذا، علاوة على اقتناء فضاءات للإعلانات الحضرية وطبع ملصقات وبطاقات تهنئة، وخدمات ترجمة كتابية بعدة لغات، وخدمات الترجمة الفورية في اللقاءات مع التجهيزات الصوتية، إضافة إلى إعداد عروض PowerPoint وتقارير نشاط المكتب فرع الماء.

هذه القائمة الطويلة من الخدمات، المترفة والمكلفة، توضح بشكل جلي أن أولويات طارق حمان ليست موجهة لضمان تزويد المواطن بحقه في الماء والكهرباء، بل لتلميع صورة إدارة غارقة في الأزمات. المفارقة أن مؤسسة عمومية يفترض أن تكون في قلب ضمان الحق الأساسي في الماء والكهرباء تفضل صرف الملايين على الخطاب والدعاية، في وقت يبيت فيه مواطنون عطشى، وتعيش أحياء وقرى كاملة على وقع انقطاعات متكررة للماء والكهرباء، وتزداد المعاناة مع ارتفاع درجات الحرارة وتراجع حقينة السدود.

طارق حمان، الذي يفترض أن يقود المكتب الوطني للماء والكهرباء نحو رؤية إصلاحية تعالج الأعطاب الهيكلية للشبكات وتضمن الأمن المائي والكهربائي للبلاد، اختار أن ينفق الملايين على شركات التواصل والدعاية بدل الاستثمار في مشاريع الصيانة والتجديد والتزويد. فهل يحتاج المواطن الذي لا يجد الماء في صنبوره إلى حملات تحسيسية، أم إلى حلول عملية تضمن له أبسط حقوقه الدستورية؟

إن الإعلان عن صفقة بهذا الحجم في هذا التوقيت يكشف عن منطق مقلوب في تدبير مؤسسة استراتيجية، ويطرح أسئلة كبرى حول أولويات طارق حمان وغياب الحكامة الرشيدة. فهل يعقل أن تُهدر 3.6 مليون درهم في التواصل بينما لا يجد المواطن ما يطفئ عطشه أو ينير بيته؟ الحقيقة أن الصورة مهما لُمّعت تظل عاجزة عن إخفاء الواقع المرير، والواقع اليوم هو أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، في عهد طارق حمان، بات أقرب إلى مؤسسة منشغلة بتزيين الواجهة أكثر من انشغالها بتأمين الحق في الماء والكهرباء.