تقرير: الأحزاب المغربية صارت هياكل مترهلة وحولت السياسة إلى سوق للمال والولاءات

تعيش الأحزاب السياسية المغربية واحدة من أسوأ لحظاتها التاريخية على صعيد المصداقية والشرعية الشعبية، بعدما تحولت – حسب تقارير رسمية – إلى مؤسسات مترهلة تتصارع على الغنائم والمناصب بدل أن تلعب دورها الطبيعي في تأطير المواطنين وصياغة السياسات العامة.

تقرير المركز المغربي للمواطنة الأخير كان صادماً بالأرقام: 91,5 في المائة من المغاربة يعتبرون أداء الأحزاب ضعيفاً، و0,9 في المائة فقط منحوا تقييماً إيجابياً لهذه المؤسسات. حتى البرلمان والحكومة والمعارضة لم تسلم من الانهيار في الثقة، لكن الأحزاب تصدّرت القائمة بامتياز، ما يعكس حجم الهوة التي صارت تفصلها عن المجتمع الذي تدّعي تمثيله.

الأخطر من ذلك، أن مسارات الترقي داخل هذه التنظيمات لم تعد في وعي المواطن مرتبطة بالكفاءة والبرامج بقدر ما ارتبطت بالمال والولاءات والزبونية. فالتقرير نفسه أظهر أن 64,3 في المائة من المستجوبين يرون المال طريقاً رئيسياً للصعود الحزبي، تليه الولاءات والتملق بنسبة 60,8 في المائة، بينما لم يربط سوى 31,3 في المائة الترقي بالكفاءة. هذه الأرقام تكشف أن الأحزاب تحولت في المخيال العام إلى شبكات مصالح مغلقة بدل أن تكون فضاءات للنقاش الديمقراطي وتفريخ النخب.

في ظل هذه الصورة القاتمة، تتزايد الأسئلة حول جدوى هذه الأحزاب وقدرتها على لعب دور الوسيط بين الدولة والمجتمع. هل يمكن لهياكل تآكلت من الداخل أن تقود إصلاحات كبرى أو أن تعبئ الناخب المغربي حول مشروع مجتمعي جاد؟ أم أن الأمر يحتاج إلى قطيعة حقيقية مع ثقافة الولاءات والزبونية وإعادة بناء الحياة الحزبية من جذورها؟

إن استمرار الأحزاب في هذا المسار يجعلها تخسر ما تبقى من رأسمالها الرمزي، وتتحول في نظر المواطن إلى مجرد أدوات انتخابية موسمية، ما يهدد مستقبل العمل السياسي برمته ويضع الديمقراطية التمثيلية في المغرب أمام امتحان وجودي حقيقي.